El documental: una introducción muy breve
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
أهداف مختلفة، أساليب مختلفة
من شأن مقارنة بين ثلاثة أفلام وثائقية للدعاية الحكومية أن تظهر كيف أن الدعاية تختلف وفقا للتكليفات الحكومية والسياق الثقافي والفنان أيضا، فقد اختار ثلاثة مخرجين وثائقيين ثلاثة مناهج أسلوبية مختلفة للتعامل مع تحدي تشكيل أيديولوجية المشاهدين من خلال الواقع.
كان فيلم «انتصار الإرادة» (1935) للمخرجة الألمانية ليني ريفينشتال تمثيلا ممتازا لهدف أفلام الدعاية النازية وهو: مزج هتلر بالأمة، وتجسيد الحزب والحكومة فيما بعد كقوة ضاربة وموحدة ولا تقاوم. وكانت الأفلام الوثائقية مجرد واحدة من مجموعة كبيرة من الأدوات الرمزية لتحقيق هذا الهدف، وقد كان الهدف من هذه القوة الرمزية، التي أجادت ريفينشتال توظيفها، هو إبهار المؤيدين وترهيب الآخرين، بمن فيهم الأعداء الخارجيون.
نفذ فيلم «انتصار الإرادة» (1935) بهدف توثيق المؤتمر الشعبي للحزب النازي في عام 1934 وتولى تمويله استوديو «يو إف إيه» الوطني الألماني، وهو تجسيد استعراضي مبهر لحدث صاحبه بالفعل استعراضات مبهرة. يمجد الفيلم هتلر بصورة مرئية؛ إذ يظهره المشهد الافتتاحي وهو يهبط من بين السحاب، ويجسد الشعب الألماني جمهورا منظما ومقدسا إلى أعلى درجة، يعملون بهدف واحد: خدمة هتلر باعتباره مكافئا للأمة. ومن خلال لقطاته للوجوه المبتهجة وهي تؤله هتلر، ومشاهد تدافع الجماهير التي تعكس الرهبة والخشية، والموسيقى الفخمة المثيرة، ولقطات للأفراد شبابا وشيوخا وهم يتشاركون نفس الحركات والانفعالات، يخلق الفيلم وحدة سياسية مثيرة على نحو إيجابي، كما أشار فرانك توماسولو. وعلى الرغم من أنه يؤرخ لمؤتمر سياسي شعبي، فإن الفيلم يبتعد بحذر عن الجدال السياسي؛ فالفيلم يدور حول مشاعر الانتماء القوية؛ أن تكون جزءا من شيء تاريخي مجيد.
مع بداية الحرب العالمية الثانية، واجه البريطانيون تحديا مختلفا تماما عن ذلك الذي واجهه الألمان، كان الفوز ب «الحرب الشعبية» وشيكا من خلال تعبئة الناس، ولكن الأمة كانت قد خسرت الحرب تقريبا في الهجوم الأول. كان البريطانيون يحتاجون إلى الثقة في قدرتهم على المقاومة، وبعد بداية عصيبة اتخذت طابعا توجيهيا ورقابة شديدة، اكتسبت الدعاية البريطانية سمعة قوامها الأمانة والمصداقية؛ إذ كانت تقدم للبريطانيين الحقائق الواقعية، ومشاهد المعارك الحقيقية، وأخبار الحرب الحقيقية، والأشخاص الحقيقيين.
قدمت فرق جريرسون عشرات الأفلام الوثائقية، ولعل من أكثر الأفلام التي جسدت منهج الدعاية البريطانية في الاحتفاء بقدرة الأشخاص العاديين على الحفاظ على ثقافتهم تحت وطأة الضغوط هو فيلم «استمع لبريطانيا» (1942) لهمفري جينينجز، الفنان الذي ينتمي للطبقة العليا، وقدم العديد من الأفلام الوثائقية الشهيرة في فترة الحرب، تميزت جميعها بالافتتان بالتفاصيل الصغيرة المعبرة، وقد عمل في فيلم «استمع لبريطانيا» مع المونتير الرائع ستيوارت مكاليستر، الذي عمل معه في أفلام أخرى أيضا. «استمع لبريطانيا» قصيدة مرئية تشاهد عبر لمحات من لحظات الحياة اليومية في بريطانيا التي تترقب الطائرات والقنابل على نحو مستمر، وفيما يبدو أن المشاهد يسترق السمع للأصوات المتواصلة للحياة اليومية - رقص الأطفال في أحد الأفنية، أنشودة تراثية جماعية ينشدها عمال الإسعاف، حفل موسيقي للطبقة الراقية، جندي أمريكي يدرس «وطن في خطر» لزملائه من جيش الحلفاء - والكاميرا تتجول عبر الشوارع وتحملق داخل الغرف، يظهر رجال محملون بالحقائب يشقون طريقهم عبر الشوارع المقصوفة بالقنابل والمكسوة بالأنقاض في طريقهم إلى العمل، وتتولى النساء مهام المراقبة دون شكوى.
رأى البعض أن جينينجز قد لعب بأسلوب ساخر على أسطورة أن بريطانيا الممزقة طبقيا تتوحد بسعادة أمام تحدي الحرب، وقال آخرون إنه يبرز بحذق بارع وقائع التوترات الطبقية من خلال صوره المتناقضة. وبصرف النظر عن طريقة قراءتك للعمل، فإن جينينجز قد أنتج فيلما قصيرا حظي بشعبية كبيرة وأحدث فهما جماعيا بين البريطانيين، حتى إنهم كانوا سيقومون بكل ما يتطلبه الأمر من أجل الانتصار بلا شكوى ودون التخلي عن هويتهم، وقد كان منهجه ملائما لنوعية الرسالة التي أراد أن يبعث بها، وكان من المخطط ألا يبدو أسلوبه الهادف لتخفيف التوتر دعائيا على الإطلاق.
وواجهت الولايات المتحدة تحديات مختلفة، فلم يكن لدى الحكومة الفيدرالية وزارة قائمة بذاتها للدعاية، ولا وحدة لإنتاج الأفلام الوثائقية، لقد دخلت الولايات المتحدة الحرب متأخرة، وكان الكثير من الناس في الولايات المتحدة يرفضون دعم الحلفاء حتى قصفت اليابان ميناء بيرل هاربور. علاوة على ذلك، كان الشباب الذين يعبئون للالتحاق بالقوات المسلحة يأتون غالبا من المزارع أو البلدان الصغيرة، وكان تعليمهم ضحلا؛ فلم يكن لديهم أي فكرة عن السبب الذي يدفعهم للمجازفة بحياتهم.
كان العمل المميز لدعاية الحرب الأمريكية هو سلسلة أفلام «لماذا نحارب» (1943) الذي أنتجه مخرج هوليوود المعروف (والمهاجر من صقلية) فرانك كابرا لقسم المعلومات والتعليم بالجيش، التي خاطبت كلا من أنصار سياسة الانعزالية والأميين. نفذت هذه السلسلة المكونة من ثمانية أجزاء، التي تعاقد عليها الجيش الأمريكي، لكي تشرح للقوات الأمريكية أسباب تورط البلاد في هذه الحرب. اعتمد كابرا على أفلام سلاح الإشارة الأمريكي، واستخدم علاقاته بهوليوود بكل حرية، ولكن الأساس لمشروعه كان أعمال مخرجي الأفلام الدعائية في الدول الأخرى، خاصة أعمال ريفينشتال. وقد مزج صورا من أفلام هوليوود (بعد التغلب على رفض الاستوديو)، والخرائط المتحركة من استوديوهات ديزني، ومشاهد مصورة للجيش الأمريكي، ودعاية للعدو حولت إلى صورة للخطر المحدق. فقد أصبحت قدرة ريفينشتال على إرباك المشاهد الألماني جرس إنذار بعد إعادة صياغتها بأعين أمريكية.
إن سلسلة أفلام «لماذا نحارب» هي مجموعة من المناقشات التوجيهية والقوية عاطفيا تدعم دخول الولايات المتحدة الحرب، ويتميز الأسلوب بالمرح والثقة بل والتهور، معتمدا على الثقافة الشعبية الأمريكية المؤلفة من الصحف، والإذاعة، والسينما، التي كانت تمثل الوسائل الإعلامية الأساسية للشباب الأمريكي. المناقشات السياسية في الفيلم مبسطة لدرجة تصل أحيانا إلى حد التزييف؛ فلم يتسلل أي ذكر للتمييز العنصري - على سبيل المثال - إلى الصورة الوردية للديمقراطية الأمريكية، وقد أضفى كابرا ميله الشعبوي المميز له تجاه «أسلوب الحياة الأمريكي» على العمل؛ فقد وضعت الأزمة السياسية المعاصرة آنذاك في سياق القيم الشعبية والديمقراطية الأمريكية ممزوجة بطابع الحياة في البلدة الصغيرة، ولم يكن له سوى القليل من السيطرة على الرسائل السياسية الصريحة، التي وضعها المسئولون العسكريون.
Página desconocida