El documental: una introducción muy breve
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
أصبحت سينما الواقع مصدرا للجدال والخلاف الشديد، ويرجع ذلك جزئيا إلى الطبيعة التعميمية لادعاءات أنصاره بشأن الحقيقة؛ (فقد قلل روبرت درو من شأن معظم الأفلام الوثائقية السابقة بأسلوب مرح في كلمة بسيطة: «مصطنعة».) في مارس من عام 1963، وخلال مؤتمر للسينما عقد في ليون بفرنسا، ناقش صناع الأفلام المنهج الجديد، وقد وجه المتحمسون له نقدا لاذعا للنموذج الأبوي والوعظي لأفلام جريرسون الوثائقية، واحتفوا بنزاهة ودقة سينما الواقع، ورفض آخرون ذلك.
عبر المخرج والناشط الهولندي جوريس إيفينز عن استيائه من الادعاء الضمني في مصطلح «سينما الواقع» بأنها كانت بالفعل تخبر الحقيقة، بينما الأشكال الأولى من الأفلام الوثائقية لم تكن تفعل ذلك، وتابع قائلا إن الادعاء تعامل بسطحية مع أسئلة لها أهميتها؛ مثل «أي حقيقة؟ ولمن؟ من الذي يراها؟ ولمن تعرض؟» وقال إن الإمكانيات الرائعة للمعدات خفيفة الوزن جازفت أيضا «بلمس الواقع على السطح بدلا من اختراقه». وأنت تحتاج في بعض الأحيان - على حد قوله - للتوقف من أجل الملاحظة وتقديم «أفلام نضالية»، واتهم المخرج الراديكالي الفرنسي جان لوك جودار مؤيدي سينما الواقع بأنهم قد اختاروا حرمان أنفسهم من ميزة الاختيار والتأمل: «وهكذا، ونظرا لحرمانها من الوعي، تفقد كاميرا ليكوك، بالرغم من أمانتها، سمتين أساسيتين للكاميرا: الذكاء والإدراك.»
ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف المجادلات، حتى الاسم الذي اتخذه هذا المنهج كان مثيرا للجدل؛ فعلى الرغم من أن روش قد أعطى سينما الواقع اسمها، فقد بدأ مع مخرجين فرنسيين آخرين في تسمية أعمالهم ب «السينما المباشرة». في غضون ذلك في المملكة المتحدة، حيث منشأ السينما المباشرة، أصبحت سينما الواقع جامعة لأي فيلم لا يشتمل على سرد، ويصور بكاميرا يدوية محمولة، ويسجل حدثا، مثلما كانت في الولايات المتحدة.
يرفض بعض المخرجين هذا المصطلح، ويرفض آخرون المنهج بأكمله؛ فقد قال المخرج الألماني فيرنر هيرتزوج لدي إيه بينبيكر: «سينما الواقع هي سينما المحاسبين.» وأطلق فريد وايزمان على أفلامه «خيالات الواقع»، لافتا إلى أنه لم يكن يعتزم تجسيد الواقع بموضوعية، بل عرض «ما» يراه وما يجده مثيرا فيه. وحتى هذه العبارة - على حد قوله - كانت «مصطلحا ساخرا منمقا» ابتكر للسخرية من ادعاءات سينما الواقع، وشن المخرج الوثائقي الأمريكي إيرول موريس هجوما عنيفا على سينما الواقع لادعائها «أنك بشكل ما إذا تلاعبت بكاميرا بين يديك، وتسللت عبر أركان الغرف، واختبأت خلف الأعمدة، فسوف يحل اللغز الديكارتي كنتيجة لذلك، وأن نظرية المعرفة بشكل ما لن يعود لها دور فيما تفعله، وأن هذه هي سينما الواقع، تجسيد الواقع كما يتكشف أمام الكاميرا!» أما ليندساي أندرسون، أحد رواد السينما الحرة، فكان يعتقد أن السينما المباشرة لم تكن «إلا عذرا لكيلا تكون مبتكرا ولا تصبح إلا صحافيا مدعيا!»
لا يزال المخرجون الذين يتباهون بإطلاق مسمى سينما الواقع على أعمالهم تحيرهم مسألة أي نوع من الحقيقة تقدمه سينما الواقع، فقد صرح جان روش بأن عملية صناعة الفيلم هي «نوع من الحفز يتيح لنا - على نحو يشوبه بعض الشكوك - الكشف عن جزء خيالي من أنفسنا جميعا، ولكنه من وجهة نظري هو الجزء الأكثر واقعية من أي فرد». وقد تفادى المصور السينمائي والمخترع الكندي مايكل برولت القضية ببراعة حين أخبر الناقد بيتر وينتونيك قائلا: «لا يمكن أن تقول الحقيقة، بل يمكنك أن تكشف عنها.» أما المخرج الكندي وولف كونيج («الصبي الوحيد»)، فقد عاد إلى حجة مألوفة حين أخبر وينتونيك قائلا: «إن كل لقطة بمنزلة كذبة، ولكنك تقول كذبة لكي تخبر بالحقيقة.» إن هذه الالتفافات الكثيرة في العبارة تعيد إلى الأذهان التعليق الساخر للمنظر نويل كارول: «لقد فتحت السينما المباشرة علبة من الديدان ثم أكلتها فيما بعد.»
تحدى النقاد الادعاء القائل إن صناع الأفلام يعرضون حقيقة صريحة بلا تنميق، حتى ولو كانت شخصية؛ فقد أوضحت جين هول كيف كان دي إيه بينبيكر، في الواقع، يشكل الفيلم الوثائقي لنقل انتقادات المخرج للإعلام، وذلك في فيلمه الرائد «لا تنظر للخلف» الذي يقدم صورة واقعية لبوب ديلان في أسفاره، كذلك وجه كل من توماس بنسون وكارولين أندرسون اتهاما لأفلام فريد وايزمان بأنها تنطوي على تناقض؛ حيث إنه يلعب دور المؤلف، وقدم عملا مليئا بالمضمون، ولكنه بعد ذلك يخفي مضمونه عن الجمهور، ومن ثم يزيل الغموض عن الحقائق ويضفي غموضا على دوره. واستكشف إيه ويليام بلوم احتمال أن يكون من الممكن لعفوية وعاطفية سينما الواقع أن يحجبا الإدراك.
وأشار آخرون إلى أن المنهج قد يكون له نتائج مختلفة عن تلك التي قد يأمل فيها المخرجون الوثائقيون، فقد تجاهل فيلم «ميدل تاون» (1982) لبيتر ديفيز، الذي يفترض أنه ملخص لبحث اجتماعي، استنتاجات البحث في سبيل التركيز على الأزمة ولحظات الذروة خلال فترة من حياة البلدة. لقد فضل منهج سينما الواقع الذي اختاره - كما ذكر براين وينستون - الصراع اليومي على الرؤى الاجتماعية للبحث. وبعد عام 1968 ذهب المخرج والمنظر الراديكالي الفرنسي جاي هينبل إلى أن بعض التقاليد التي تبدو شفافة - مثل المشاهد الواقعية لعمال يتحدثون، التي يعتقد النشطاء السينمائيون أنها قد تعبئهم من أجل حدث ثوري - يمكن ببساطة أن تلخص «الوعي الزائف» للعمال أنفسهم، وقد صرح قائلا: «من الأفضل أن تعترف صراحة بالمعالجة وتجعلها مستساغة للعين والأذن من خلال الاستفادة من الترسانة الكاملة لأدوات السينما.»
لطالما أثير الحديث عن الضوابط الأخلاقية لعلاقة المخرج الواقعي بأبطاله؛ فالمخرجون قد يغيرون الواقع الذي يصورونه عن غير قصد، وقد يعانون في تحديد قدر التدخل اللازم، فقد تعقب صناع فيلم «أحلام الطوق» (1994) - من إنتاج شركة كارتمكوين فيلمز - عائلتين فقيرتين من الزنوج على مدى أكثر من خمس سنوات، وأحيانا ما كانوا يساهمون في دخل الأسرة؛ فقد كانوا يعتقدون أن المساهمات المتواضعة هي جزء من علاقة قائمة على النوايا الحسنة مع العائلات المكافحة، وكانت الأم في عائلة لاود تشكو من أن عائلتها قد لا تستطيع محو آثار الدعاية التي حظوا بها في فيلم «عائلة أمريكية» (1973)، وبالفعل ظلت عائلة لاود هدفا لاهتمام غير مرغوب فيه لعقود. وعندما صور الأخوان مايسلز حفلا لفريق رولينج ستون للفيلم الذي أصبح عنوانه «أعطني مأوى» (1970)، دفع لهيز إيجلز من أجل حفظ النظام، ولكن حدثت مشاجرة مع أحد أفراد الجمهور أسفرت عن حالة وفاة، وصورها فريق الفيلم في الفيلم، مما أدى إلى توجيه قدر من الانتقاد. أما فيلم «كرامب» (1995) لتيري زويجوف، فقد عرض الحياة الخاصة لعائلة رسام الكاريكاتير آر كرامب المضطربين نفسيا على سبيل الترفيه السينمائي؛ لقد حصل زويجوف على موافقة كرامب وعائلته، ولكن البعض شكك في قدرة أفراد العائلة الأكثر اضطرابا على تقديم تلك الموافقة.
شكل 1-7: استخدمت كارتمكوين فيلمز سينما الواقع لسرد قصص مجهولة، بما في ذلك قصص الأطفال الزنوج («أحلام الطوق» 1994). الفيلم من إنتاج كارتمكوين فيلمز.
لم تعد سينما الواقع ثورية؛ فقد صارت اللغة الافتراضية للأفلام الوثائقية الموسيقية، وجميع أنواع الأفلام الوثائقية التي تصور ما يحدث ما وراء الكواليس؛ إنها جزء من تركيبة الأعمال البوليسية والمسلسلات الوثائقية، وجزء من أدوات المصداقية لبرامج تليفزيون الواقع، إنها جزء ثابت في التوقعات الخاصة بأعمال الفيديو الموجهة للعامة لتوسيع نطاق التعبير، مثل مشروع محطة بي بي سي «يوميات مرئية» في التسعينيات. واعتمدت عليها أعمال المخرج البريطاني نيك برومفيلد، الذي لاقت تأملاته المثيرة في حياة المشاهير وسيئي السمعة نجاحا عالميا. يشيع استخدام تقنيات سينما الواقع في الإعلانات والدعاية السياسية أيضا لإضفاء الحيوية والمصداقية. لقد فقد المنهج جدته، لكنه لم يفقد قدرته على إقناع المشاهدين بأنهم حاضرون ويشاهدون شيئا غير مصطنع وحقيقيا بلا نزاع.
Página desconocida