26

1

الدكتور، وكلما ساروا «بضحية حرية» كان الدكتور أول المشيعين، فإذا كان اجتماع في الأزهر كان الدكتور فارسه المعلم وعذيقه المرجب. فإذا تعانق الهلال والصليب، استأثر الدكتور من عناق الأب سرجيوس بأكبر نصيب.

ليس على الله بمستنكر

أن يجمع العالم في واحد

فإذا وجد دهماء المصريين على الأرمن، وهم بعضهم بإيقاع الأذى بهم، طاف الدكتور بعربته «ومكسوينيه» على دورهم فنقلهم وعيالهم وأثاث بيوتهم إلى مأمنهم. فإذا غضب الأروام من أن بعض الرعاع أصابوا منهم على وهم أنهم أرمن، شخص الدكتور في الركب الحافل إلى دار قنصلهم فخطب جمعهم باسم مصر ومادهم حبال المودة، وعقد معهم، باسم الأمة والحكومة أيضا، فنون المعاهدات. وإذا كان جمع الأموال للوفد أغلق الدكتور عيادته «بالضبة»، وهاجر إلى قنا فلبث الأشهر الطوال يجمع ما تحتاج إليه القضية من جليل الأموال. فإذا كانت مشاكل العمال أبى الدكتور إلا أن يتفرد بها من دون الناس جميعا، فانتفض نقيبا لعمال العنابر، ولفافي السجاير، وسواقي الأتومبيلات، وشيالي المحطات، وندل

2

الفنادق والقهوات، وجميع طائفة المعمار، وأصحاب الحوانيت من كل بدال وبقال وجزار، وعمال المطابع، وكناسي الشوارع، وصناع الخيم، ومساحي «الجزم»، ولو فكرت طوائف الجرذان والسنانير، وجماعات الجعلان والصراصير، في أن تتخذ لها نقابات، لتمثل الدكتور ثابت فيها خطيبا، ثم استوى لها بفضل الله نقيبا!

وفي الحق إن الدكتور يرى نفسه مسئولا عن كل ما في البلد من هابط وصاعد، وقائم وقاعد، وغاد ورائح، وسانح وبارح، ودارج على متن الغبراء، وسابح في جوف الماء، وطائر في جو السماء. فإذا كانت هنالك منطقة خارجة عن اختصاص الدكتور محجوب فهي عيادته فقط! ذلك بأنه ليس برجل أثرة، بل هو رجل إيثار، يعنى من أمر قومه بكل دقيق وجليل، أما خاصة شأنه فلا يعنيه منها كثير ولا قليل.

ولا أحسب رجلا في مصر ولا في إنجلترا مشغولا بالسودان شغل الدكتور ثابت،

3

Página desconocida