Pensamiento Árabe Moderno: El impacto de la Revolución Francesa en su orientación política y social
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Géneros
شد ما تذكر هذه الكلمة التاريخية التي فاه بها عمر بن الخطاب بفاتحة إعلان حقوق الإنسان والمواطن، وشد ما تذكر أيضا بكلمة روسو: «يولد الإنسان حرا، ولكنه في كل مكان مقيد بالحديد!» وهي الكلمة التي افتتح بها كتابه «الميثاق الاجتماعي».
فهنا قرابة فكرية نفسية بادية للعيان. وقد سبق لنا أن ذكرنا كيف أن الأعلام من مفكرينا وأدبائنا، لما انفتح لهم سبيل الاطلاع على الثورة الفرنسية ومبادئها ومفكريها، رأوا محيطهم وظروفه، فلم يلبث ذلك أن ردهم أيضا إلى عصر النبوة والراشدين ومبادئ الإسلام في طلعته البكر، فسموا الحكم الديمقراطي الذي كانوا يستهدفونه بالحكم الشوري، ونقشوا على الراية الديمقراطية التي رفعوها الآية الكريمة:
وأمرهم شورى بينهم . وإذا طالبوا بحرية الفكر مثلا نادوا بالآية:
لكم دينكم ولي دين .
وقد عزز الكواكبي حق المفكرين في الحماية من الاضطهاد والاستبداد بالآية:
ولا يضار كاتب ولا شهيد .
وبالطبع إن الفرق بعيد بين العصر الذي تلقى فيه الناس آيات القرآن للمرة الأولى، والعصر الذي وقعت فيه الثورة الفرنسية أو العصر الذي طلع فيه الأفذاذ المفكرون من أعلام نهضتنا الحديثة. ولكن فهم المفكرين للكتب الدينية يكون، عادة، من خلال مطالب عصرهم، ولا سيما المفكرون المصلحون والثوريون. ومن أسرار البقاء في الكتب الدينية أنها تتسع في كل عصر لمضمون فكري يطاوع مطالب العصر الإصلاحية. والإسلام بدأ وثبة تقدمية جبارة، والوثبات التقدمية الجبارة في جميع العصور لا يخلو بعضها من مضمون بعض، وكثيرا ما تتقارب تعابيرها اللغوية عن أهدافها العامة، تبعا لتقارب الأشواق الإنسانية واتجاهها في الحياة الاجتماعية نحو الخير والتجديد والعدل والرفق والحرية وسائر المثل والقيم العليا.
ولا شك أن مثل هذا التراث العظيم، الذي وجد مفكرونا المصلحون أنفسهم متكئين عليه، خلق فيهم استعدادا نفسيا كبيرا للإعجاب بالثورة الفرنسية وتقبل مبادئها.
كانوا يرجعون إلى القرآن، فيصادفون الآيات النارية التي تتوقد غضبا على العتاة والجبارين وترن بالنداء إلى الثورة:
إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون . ... وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
Página desconocida