Pensamiento Árabe Moderno: El impacto de la Revolución Francesa en su orientación política y social
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Géneros
Dialogues des Morts ، تبدر على سن قلمه بدرات عجيبة لم تلبث أن أيدتها الوقائع في حياة فرنسا السياسية والاجتماعية؛ ففي فصل الحوار بين سولون وبيزيسترات (وكلاهما رجلا دولة إغريقيان) يقرر فنيلون أن الاستبداد غالبا ما يكون أشد وبالا على الملوك منه على الشعوب. وفي كتابه ألواح شولن
Tables de Chaulnes
يطالب - في إحدى مواد البند الثاني - مطالبة صريحة بتأسيس المجالس العامة
Etats Généraux ، هذه المجالس التي كان اجتماعها في باريس سنة 1789 فاتحة المرحلة الثورية العظيمة. وله رسالة وجهها إلى لويس الرابع عشر بلغت غاية في الجرأة والصراحة، وشجب سلوك هذا العاهل الذي صاح: «أنا الدولة!» وأنفق ما أنفق في المغامرات الحربية، وشيد بلاط فرساي الرائع وكأنه جعله واجهة براقة لدولة تتأزم مشاكلها ولشعب يتململ ويتبرم. قال فنيليون في رسالته:
إن الشعب نفسه (ينبغي أن أصرح لك بكل شيء)، هذا الشعب الذي أحبك كثيرا، ووثق بك كثيرا، أخذ الآن يفقد حبه وثقته واحترامه، حتى احترامه لك ... إنه ممتلئ مرارة ويأسا، والشقاق يشب شيئا فشيئا من كل ناحية. إن الشعب يعتقد أنك لا تحب غير سلطتك ومجدك؛ فهم يقولون: لو كان للملك قلب الأب على شعبه أما كان يؤثر أن يبذل مجده في إعطائهم خبزا وتنفيس كربتهم بعد هذا الأذى الكثير؟ ... فما جواب ذلك، أيها السيد؟ ثم يذكر فنيلون أعمال العصيان التي طفق الشعب يقوم بها، إلى أن يقول له: «فأنت الآن قد انحططت إلى هذه النهاية المعيبة المحزنة؛ فإما أن تدع العصيان وشأنه لا تعاقب عليه، وإما أن تزيده وتقويه بتغاضيك عنه، وإما أن تجزر بقسوة شعبا طرحتهم مطرح اليأس إذ نزعت منهم، بالضرائب لهذه الحرب، خبزا يسعون إلى إحرازه بعرق جباههم!»
وفي فنيلون نجد مبدأ اعتبار العقل والرجوع إليه في الأحكام صريحا واضحا. يقول الراهب المفكر: «أنا في هذا العالم لا أدري من أين جئت ولا كيف وقعت هنا، ولا أدري إلى أين أمضي، وبعضهم يحدثني عن أمور كثيرة ويعرضها علي باعتبارها غير قابلة النقاش، ولكني مصمم على الشك فيها، بل على رفضها، ما لم أجد أنها تستحق إيماني بها. ومنفعة العقل الصحيحة - العقل الذي وهب إلي - هي ألا أومن بشيء ما لم أعرف سبب إيماني به.»
لكن بيير بايل
يخطو بنا خطوة أخرى إلى الأمام في طريق الانعتاق الفكري، ووسيلته إلى ذلك كثرة الشك والتساؤل وتقليب القضايا على محتملات وجوهها.
8
وإذا لزمنا أن نجعل المذهب العقلي ونهضته في أوروبا الحديثة مدينين لبضعة مفكرين كديكارت وأمثاله، فبيير بايل أحدهم. وفيه يقول برونتيير الناقد الفرنسي الشهير: في فرنسا وإنكلترا وألمانيا، وفي أوروبا كلها ... حيثما بدأ الناس يشكون، تخرج من مدرسة بايل جيلان أو ثلاثة من الكتاب. وكأن كلا من مونتسكيو وفولتير وديدور وروسو وهلفثيوس - عدا آخرين أقل شأنا منهم - قد تلقن في كتاباته أن يقرأ ويحاكم ويفكر.
Página desconocida