Pensamiento Árabe Moderno: El impacto de la Revolución Francesa en su orientación política y social
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
Géneros
ولم تطل المشادة حتى أعلن ممثلو الطبقة الثالثة تأليف «الجمعية الوطنية» في 17 حزيران سنة 1789، فكانت تلك خطوة جريئة أسفرت عن هيئة من النواب الوطنيين تمثل أكثرية الأمة، وتتكلم باسم الوطن، وتستند إلى إرادة الأمة التي تعتبر من حقها إثبات وجودها؛ فالجمعية الوطنية هي أول برلمان فرنسي بالمعنى الحديث.
ونوى الملك أن يكرر ما وقع سنة 1614، إلا أن الجمعية الوطنية ردت عليه بالقسم المشهور الذي أقسمته في بهو «جي دي بوم»
Jeu de Paume
وفيه تعهد النواب «بالاجتماع مهما تكن الأحوال والظروف إلى أن يصكوا دستورا للبلاد!»
وفي 23 حزيران سنة 1789 عقدت دورة عامة حضرها الملك وممثلو الطبقات، أسفرت عن غضب الملك وانسحابه من الجلسة تتبعه غالبية الأشراف، على أن قسما كبيرا من الإكليروس وفئة من الأشراف أنفسهم لبثوا مع ممثلي الطبقة الثالثة. وفي هذه الجلسة صرخ ميرابو كلمته التاريخية: «نحن هنا بإرادة الشعب ولا نخرج إلا بقوة الحراب!» وكانت كلمته تلك موجهة إلى رسول الملك الذي أقبل يأمر النواب بالانفضاض.
فاتضح عندئذ أن أي لجوء من الملك إلى استعمال القوة ضد النواب سيعني لجوء النواب والشعب إلى المقاومة. وطرحت على بساط التاريخ الفرنسي مسألة لطالما طرحت في حياة الشعوب: أهي السلطة المطلقة التي تحكم أم إرادة الجماعة؟
كان إذ ذاك في متناول الملك عدد من الجنود الحراس، ولكن هؤلاء كانوا من أبناء الشعب الباريسي، فهل يطيعونه إذا أمرهم بطرد النواب؟ وكان في متناوله أيضا عدد من الخيالة الأشراف، لكن الأحرار (الليبرال) من الأشراف؛ أمثال لافاييت، أفهموا أبناء طبقتهم أنهم إذا أشرعوا سلاحهم على المجلس قابلوهم بالسلاح، فوقف الملك موقف الحذر من اتخاذ تدبير غير مأمون العواقب. وفي 27 حزيران سنة 1789 أقر جميع مطالب الأكثرية من النواب.
وأعلنت الجمعية الوطنية نفسها جمعية دستورية في 9 تموز.
وهنا يذكر مؤرخو الثورة كيف أن الملك ومعظم البلاطيين لم يكونوا ليرضوا عن تطور الحوادث، بل لم يكن في نيتهم الرضوخ لها، إلا أنهم تراجعوا ريثما يهيئون القوة التي بها يردون الضربة بجيش يصح الاعتماد عليه.
واتجهت الجمعية الوطنية إلى حشد التأييد الشعبي. وصرف الملك وزيره «نكر» من الخدمة في 11 تموز؛ لأنه حمله قسطا من المسئولية عن تطور الحوادث المزعجة، فبات الشعب الباريسي يتحدث عن عزل «الوزير الوطني».
Página desconocida