وأخيرا خرجت.. فما يمكن أن تكون لمستحم راحة أو لذة وعلى بابه من يصيحون به ويسمعونه ما يكره، فلحقوا بى فى غرفتى ولكنى أخرجتهم منها بجهد.. فإنى مستعد أن أحتمل كل شىء إلا أن يحيط بى هؤلاء الصائحون الصاخبون وأنا ألبس. على أنى أسرعت وعجلت لأتقى شر هجومهم على كرة أخرى، وكانت ساقى لا تزال أحسها ثقيلة مما أصابها فى السويس وهاضها، وإن كانت لا تؤلمنى. فلما صرت إليهم فى الردهة وقفت هنيهة أدعكها بكفى لالينها، فسألتنى أختى: «ألا تزال تؤلمك»؟
قلت: «كلا.. لا ألم ولكنى أحسها ثقيلة».
فقال ابن عمى: «كلك ثقيل يا أخى.. تعال».
فقلت: «ولكنى حقيقة أشعر أنها أثقل مما كانت أمس».
فقالت أختى: «طبيعى.. هذا من الجهد الذى تكلفته اليوم فى البحث».
فاقتنعت ونزلنا إلى الباب، وكان ابن عمى قد جاء بالسيارة قبل ذلك وتركها أمام الباب، فجلست أختى ومعها حسن على المقعد الخلفى، واتخذ أحمد مكان القيادة، وقلت له وأنا أفتح الباب الآخر لأجلس إلى جانبه: «لعل درس الأمس نفعك، فلا تكرر أخطاءك المعتادة».
فزام أولا، ثم قال: «ولكن إذا كنتم تريدون أن أشرفكم بتولى القيادة العامة.. أفلا يحسن أن أعرف إلى أين يراد منى أن أحملكم»؟
فقالت أختى: «أوه.. إلى أى مكان.. إلى القناطر الخيرية إذا شئت أو إلى أى مكان تحب».
قال حسن : «إلى القناطر إذن. اركب يا هذا.. أم تريد أن أنزل وأحملك»؟
وكان الركوب يحوجنى أن أحمل ساقى بيدى، لأن ثنيها كان يؤلمنى فى موضع الركبة.. فجلست على المقعد ووجهى إلى الباب وملت على ساقى وهى ممدودة لأحملها وأدور بها لأدخلها فى السيارة. ثم ارتددت ضاحكا، فسألتنى أختى عن الخبر، فقال لها زوجها: «دعيه.. إنه يحلم. لا يزال نائما.. ألا تريدين؟.. أعنى ألا تسمعين»؟
Página desconocida