شيماء عبد الحكيم طه
كوثر محمود محمد
مراجعة
محمد إبراهيم الجندي
إهداء
إلى كيلفين
مقدمة الطبعة العربية
عندما اندلعت الثورة المصرية في يناير/كانون الثاني عام 2011 - بعد عامين من ظهور هذا الكتاب لأول مرة بالإنجليزية وبالعنوان الفرعي «أرض الفراعنة على شفا الثورة» - ربما كنت الأقل اندهاشا بين المراقبين الغربيين لدولة اعتبرتها وطنا لي ما يقرب من عقد كامل. وبالطبع لم يندهش المفكرون والنشطاء الحقوقيون والسياسيون وعامة المصريين الذين تحدثت معهم في السنوات التي سبقت الثورة والذين عبرت عن مشاعر الضيم والإحباط والأمل (ربما بقدر أقل) لديهم في هذه الصفحات. أدركت جموع المصريين الذين خرجوا إلى الشوارع منذ وقت طويل - مثلي - أن أكثر دول العالم العربي تعدادا للسكان، والحليف الأهم لواشنطن في المنطقة، على وشك الانفجار.
والسبب في ذلك أن الشعب المصري لم يكن لديه ما يخسره بعدما لم يكتف النظام - مثلما قيل لي مرارا وتكرارا - بسلب ثروات بلاده الطائلة فحسب، وإنما سلب كرامته أيضا. قضى نظام مبارك على نفسه تماما حتى صار عاجزا عن تنفيذ إصلاحات ولو بسيطة تتعلق بمطالب الشعب بتحقيق تغيير جذري عاجل ذي جدوى. بعبارة أخرى لم يكن وجود النظام إلا للإبقاء على حكمه الفاسد الغاشم؛ ولم يكن الإصلاح يعني شيئا سوى إتاحة الفرصة أمام القطط السمان لتكديس ثروات هائلة باسم الخصخصة والاستثمار الأجنبي واقتصاديات السوق الحرة، وهو ما اتضح أنه بمنزلة انتحار سياسي، لأن جميع المصريين العاديين شهدوا مزيدا من الفقر وعنف الدولة العشوائي نتيجة لذلك.
أثناء السنوات التي سبقت الثورة كان ثمة انفصال لافت للنظر بين ما كان يردده «خبراء» الغرب عن مصر ، وبين الحالة السوداوية التي كانت تسود الشارع المصري مثلما أوضحت في هذا الكتاب. ففي نظر «الخبراء» الغربيين كانت مصر دولة مستقرة حقيقة؛ فلديها جهاز أمني قوامه مليون فرد، مستعد دائما لأن يسحق دون رحمة أدنى تهديد من جانب المعارضة الشعبية. سمعنا مرارا وتكرارا أن حالة من اللامبالاة تسيطر على الشعب المصري. كان البديل الوحيد لحكم مبارك جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا مع أنها الكتلة المعارضة الرئيسية. ولم يكن الإخوان المسلمون بحال يتمتعون بشعبية كبيرة، ولذا لم يكن أحد يعول عليهم في إثارة الجماهير. ولما لم تكن هناك قيادة أخرى تحض المصريين على النزول إلى الشارع أو قائد كاريزمي يلهب حماسهم للقيام بعمل جماعي، خلصت هذه القراءة للسيناريو المصري إلى أن الواقع سيظل على ما هو فيه من تخبط إلى أن يقضي حسني مبارك أجله ويرث ابنه الحكم.
Página desconocida