فإذن العقل إما علة وأول لجميع المعقولات والعقول الثوانى؛ وإما ثان، وهو بالقوة للنفس، ما لم تكن النفس عاقلة بالفعل؛ والثالث هو الذى بالفعل للنفس، قد اقتنته، وصار لها موجودا، متى شاءت استعملته، وأظهرته لوجود غيرها منها، كالكتابة فى الكاتب؛ فهى له معدة ممكنة، قد اقتناها، وثبتت فى نفسه؛ فهو يخرجها ويستعملها متى شاء؛ وأما الرابع فهو العقل الظاهر من النفس، متى أخرجته، فكان موجودا لغيرها منها بالفعل.
فإذن الفصل بين الثالث والرابع أن الثالث قنية للنفس، قد مضى وقت مبتدأ قنيتها، ولها [أن] تخرجه متى شاءت؛ والرابع أنه إما وقت قنيته أولا وإما وقت ظهوره ثانيا، متى استعملته النفس؛ فإذن الثالث هو الذى للنفس قنية، قد تقدمت، ومتى شاءت كان موجودا فيها ؛ وأما الرابع فهو الظاهر فى النفس متى ظهر بالفعل، والحمد لله كثيرا بحسب استحقاقه.
فهذه آزاء [الحكماء الأولين] فى العقل، وهذا، كان الله لك مسددا! قدر هذا القول فيه، إذ كان ما طلبت القول المرسل الخبرى كاف،فكن به سعيدا!
Página 358