En el mundo de la visión: Ensayos seleccionados de Gibran Khalil Gibran
في عالم الرؤيا: مقالات مختارة لجبران خليل جبران
Géneros
وماذا عسى تصير إليه بلادكم وبلادي! وأي من الجبابرة يضع يده في تلك التلال والهضبات التي أنبتتنا وسيرتنا رجالا ونساء أمام وجه الشمس!
هل تبقى سوريا مطروحة بين مغائر الذئاب وحظائر الخنازير؟ أو يا ترى تنتقل مع العاصفة إلى عرين الأسد أو ذروات النسر؟
وهل يطلع الفجر فوق قمم لبنان؟
كلما خلوت بنفسي أطرح عليها هذه السؤالات. غير أن النفس كالقضاء، تبصر ولا تتكلم، وتسير ولكنها لا تلتفت؛ فهي ذات عيون تتجلى وأقدام تتسارع، أما لسانها فثقيل.
ومن منكم أيها الناس لم يسأل نفسه في كل يوم وليلة عن مصير الأرض وسكانها، بعد أن تختمر الجبابرة من دموع الأرامل والأيتام؟
أنا من القائلين بسنة النشوء والارتقاء، وفي عرفي أن هذه السنة تتناول بمفاعيلها الكيانات المعنوية بتناولها الكائنات المحسوسة، فتنتقل بالأديان والحكومات من الحسن إلى الأحسن انتقالها بالمخلوقات كافة من المناسب إلى الأنسب، فلا رجوع إلى الوراء إلا في الظاهر، ولا انحطاط إلا في السطحي.
ولسنة الارتقاء سبل متشعبة يتفرع بعضها من بعض، ولكنها متلازمة الأصول، ومظاهر قاسية ظالمة مظلمة تنكرها الأفكار المحدودة، وتتمرد عليها القلوب الضعيفة، أما خفاياها فعادلة منيرة، متمسكة بحق أسمى من حقوق الأفراد، محدقة بغرض أعلى من مرام الجماعة، مصغية إلى صوت يغمر بهوله وعذوبته تنهدات المنكوبين وغضات المتوجعين.
حولي بكل مكان أقزام يرون عن بعد أشباح أشباح الجبابرة متناضلين، ويسمعون في المنام صدى صدى تهاليلهم، فيضجعون كالضفادع طائلين: «لقد رجع العالم إلى فطرته الوضيعة، فما بنته الأجيال بالعلم والفن قد هدمه الإنسان الوحشي بالطمع والأنانية. فحالنا اليوم حال سكان الكهوف، ولا يميزنا عنهم سوى آلات نبتدعها للدمار، وحيل نستخدمها للهلاك.»
هذا ما يقوله هؤلاء الذين يقيسون ضمير العالم بمقياس ضمائرهم، ويحللون مراد الوجود بالفكرة القصيرة التي يستخدمونها لحفظ وجودهم الفردي. فكأن الشمس لم تكن إلا لتدفئتهم، وكأن البحر لم يوجد إلا لغسل أرجلهم. •••
من أحشاء الحياة، من وراء المرئيات، من أعماق الكون المدبر حيث تصان أسرار الكون المدبر، قد انبثقت الجبابرة كالريح وتصاعدوا كالغيوم، ثم تلاقوا كالجبال، وهم الآن يتصارعون ليحلوا مشكلة في الأرض لا يحلها غير الصراع.
Página desconocida