En la literatura y la vida
في الأدب والحياة
Géneros
للسلطان عبد الحميد - رغم استبداده، ورغم ضعف أعصابه، والظروف الغريبة التي أحاطت بسني حكمه، أو بالأحرى الظروف التي خلقها هو من حوله - كلمات يؤثرها عنه التاريخ، فقد قال مرة، وقد حوطته أوروبا بما استطاعت من قوة وعنف: «إن أوروبا تحاربنا حربا دينية في قالب سياسي.» ولم يقصد عبد الحميد بالضرورة أوروبا تحاربه حربا دينية كالحرب التي قامت بين الإسلام والنصرانية في القرون الوسطى، وتعرف بالحرب الصليبية، بل يقصد أن أوروبا المسيحية جامعة لا تحتمل أن يكون للشرق الإسلامي سلطة على شعب من شعوبها. على أنه رمى بهذه الكلمة إلى غرض آخر، رمى به إلى استفزاز المسلمين في أنحاء الشرقين الأقصى والأدنى، ليكونوا جامعة يقاوم بها جامعة أوروبا، المسيحية، غير أن صرخته هذه لم تفده فتيلا، فإن استبداده واستبداد عماله وضعف حكومته وتحكم الصور الدينية الرجعية في إدارة الحكومة كان سببا من الأسباب التي فتت في عضد الأمم الإسلامية، التي وقعت تحت حكمه، وأفقدت حكومات الأمم الإسلامية المستقلة كل ثقة في حكومة أمير المؤمنين.
واليوم يقوم في روع الناس أن ما رمى إليه عبد الحميد أصبح خيالا، بعد أن فطنت الأمم إلى فكرة القومية وتركت الاستمساك بجامعة الدين، وهذا صحيح، غير أني أرى على الرغم من كل هذا أن جامعة شرقية سياسية تعمل على مقاومة النفوذ الأوروبي، والاستعمار الأجنبي، يكون لها أثرها الخالد لا في استقلال الشعوب الشرقية وحدها، بل في العمل على ترقية الإنسانية في مجموعها.
الشرق والمثل العليا
ولد الشرق ميلادا جديدا يوم أن هب يطالب برد حريته المسلوبة، ويعمل على إحياء مدنيته البائدة، غير أن الشرق يحتاج اليوم إلى صفات أخلاقية ترى أن الأمم الشرقية أبعد الأمم عن أن تعرف لها قيمتها السياسية.
لم يعرف الشرقيون بعد تلك الفضائل التي ينطوي عليها ضبط النفس عند وقوع الملمات الكبرى، وما أكثر ملمات الشرق!
لم يعرف الشرقيون بعد معنى التضحية عند حلول الأزمات، وما أكثر الأزمات التي تصيب شعوب الشرق!
لم يعرف الشرقيون معنى الصراحة في معالجة المشكلات التي تحتاج إلى المصارحة الجدية، وما أكثر المشكلات التي يخلقها الغرب للشرق!
وإذا أردنا أن نعدد الأشياء التي لم يعرفها الشرق بعد، لذهبنا في سلسلة طويلة منها، غير أني أعتقد أن بضعة أفذاذ من الرجال يعطون الشرق المثل العليا، في الأخلاق عمليا، لقادرون على أن يبعثوا في النفوس تلك الشرارة الأولى التي لا يستغنى عنها في توليد حريقة عظمى يمتد لهبها.
تعطيل الدستور
يقول طاغور: «عند حلول الكوارث تنحل أقدس الروابط، فالأخ يحطم أخاه، والصديق يخون الصديق.» ولا أجد أن هذه الكلمة الكبيرة أكثر انطباقا على شيء من حالات هذه الدنيا، أكثر من انطباقها على رجال السياسة، فهي في مصر ظاهرة مألوفة.
Página desconocida