Sobre la literatura del Egipto fatimí
في أدب مصر الفاطمية
Géneros
واستمر العداء بين القرامطة والفاطميين ردحا طويلا من الزمان، وقامت الحروب بين الفريقين على نحو ما ذكر في كتب التاريخ، وكذلك نقول عن فرقة الدرزية التي ظهرت في عهد الحاكم بأمر الله، فأمثال هؤلاء الدعاة كانوا أسلحة ماضية ضد المذهب، حتى قال القاضي النعمان: «ذكر المعز لدين الله رجلا أصابه بلاء عظيم في نفسه، ووصف ما صارت حاله إليه، وكان هذا الرجل قد ألحد في أولياء الله، وغلا في دينه، وقد كان قلد شيئا منه وناله بسبب ذلك من سخط الأئمة ما نعوذ بالله منه، فقال المعز لدين الله لما ذكر ما صار حال هذا الرجل إليه: ما ألحد أحد فينا، ولا أراد إدخال النقص على شيء من أمرنا إلا إبتلاه الله في عاجل الدنيا ببلاء يكون نكالا، ولعذاب الآخرة أخزى وأشد وأبقى.
ثم ذكر من تجاوز هذا الرجل وتعديه، وما أدخل على الدين من الشبهة على ضعفاء المؤمنين ما يطول ذكره. قال: وتقرر عند المنصور بالله أنه يقول: عندنا من حكمة الله وعلمه ما نزيل به الجبال، ولنا من أوليائنا في الدين من تزول السماوات والأرض، ولا يحول ولا يزول. فأعظم ذلك المنصور بالله من قوله، وأحضر جماعة من الأولياء، فذكر ذلك لهم عنه ولعنه، ثم قال المعز لدين الله: أعظم آيات موسى فلق البحر، فهذا الشقي ادعى فوق ذلك لنفسه، وهو ينسب إلينا، ويدعي علمنا ومذهبنا وقولنا. نحن نبرأ إلى الله من دعواه وقوله، وما ينسبه إلى نفسه، أن ينسب إلينا وإلى من يتصل بنا. ثم قال: سمعت القائم بأمر الله يقول: إنما أراد الدعاة إلى النار الذين انتسبوا إلينا بما ينحلونا إياه أنا نعلم الغيب وما تخفي الصدور، وأشباه ذلك مما افتروه علينا ونسبوه إلينا أن يجعلوه عدة لنفاقهم ... إلخ.
26
وقال حميد الدين أحمد بن عبد الله الكرماني: إن أعظم الفرق ضلالا فرقة الغلاة، ضلت وأضلت غيرها، فانسلخت عن جملة أهل الدين والديانة.»
27
ويقول المؤيد في الدين: «استعيذوا بالله من قوم يقولون بأفواههم أنهم شيعة، وهم من طلائع الكفر والإلحاد شر طليعة، يستوطئون مركب الإباحة، ويميلون ميل الراحة، ويحتجون بكون الصلاة إشارة إلى حد من حدود الدين، فإذا عرف سقطت الصلاة، وأن الزكاة إشارة إلى مثله فإذا عرفت بطلت الزكاة، وأن الصوم هو السكوت عن إفشاء سرهم إلى غير أهله، فإذا هم سكتوا لم تبق بهم حاجة إلى الصوم واحتمال كده، وأن النهي عن شرب الخمر هو عن موالاة بعض الأضداد، فإذا هم كفوا كان شربها حلالا سهل القياد، ولا يزالون كذلك حتى يحلوا من تكاليف الشريعة كل عقد، ويردوا من مهاوي الردى في تحليل المحرمات شر ورد، وهؤلاء أضر بالدين وبالمؤمنين ممن شهر سيفه وشرع رمحه إلى أئمتهم بالبغضاء، ولم يزل من مضى من أمير المؤمنين علي والأئمة من ذريته إلى إمام الزمان براء إلى الله تعالى ممن هذه سبيله سرا وجهرا، ينشرون في صحف الخزي على من دان دينهم ... إلخ.»
28
فهؤلاء الدعاة الذين نسبوا أنفسهم إلى الدعوة الإسماعيلية، كانوا سببا في أن يذهب المؤرخون القدماء ومن تبعهم من المحدثين إلى فساد عقيدة الفاطميين، ومن يتعمق في دراسة العقيدة الفاطمية كما جاءت في كتب دعاتهم وعلمائهم - وهي الكتب التي لا يقر بها إلا من بلغ درجة رفيعة في الدعوة - يجد الفاطميين براء من كثير مما نسب إليهم، ولولا هذا التأويل الباطني الذي جعلوه قوام عقيدتهم، لتساووا مع غيرهم من المسلمين في كل شيء، ولما وجد خصومهم مطعنا في عقيدتهم.
والذي ألاحظه على عقائد الفاطميين أنها مزيج من مجموعة المذاهب والديانات القديمة التي عرفت وانتشرت في الأقطار الإسلامية منذ زمن بعيد، بتأثير امتزاج المسلمين بغيرهم من الشعوب المختلفة، واستطاع الفاطميون أن يخضعوا هذه المذاهب والآراء القديمة للآراء الإسلامية، ويصبغوها بالصبغة الإسلامية، فالباحث يستطيع أن يتعقب أكثر عقائد الفاطميين، ويردها إلى أصولها القديمة، فمثلا قال قدماء المصريين بأن روح الملوك تنتقل إلى العالم العلوي، وتصبح من الآلهة، فقال الفاطميون: إن روح الإمام تصبح ملكا من الملائكة وعقلا من العقول الروحانية المدبرة لعالم الكون والفساد، وذهب بعض فلاسفة اليونان إلى أن الإنسان لا يستطيع أن يرى شيئا إلا بمساعدة ضوء الشمس أو القمر أو الشعل، فقال الفاطميون: إن العقل البشري في تبصره لا يستطيع الوصول إلى معرفة شيء وإدراكه إلا بمساعدة خارجية تأتيه من الأئمة، ومن أقوال فلاسفة اليونان أيضا: إن النفس كانت صفحة بيضاء، فإذا حلت في جسم نقش عليها ما اكتسبه الإنسان، إن خيرا فخير وإن شرا فشر، فقال الفاطميون بهذه المقالة. وأخذ الفاطميون عن العبرانيين والبابلية القديمة عقيدة الأدوار السبعة، وعن الأفلاطونية الحديثة مذهب الإبداع وظهور النفس الكلية عن العقل الكلي، وخلق العالم بوساطة الكلمة؛ مع خلاف أن الأفلاطونية الحديثة جعلت الكلمة هي العقل الكلي، على حين قال الإسماعيلية بأن الكلمة هي السابق والتالي، أي القلم واللوح، وأنها هي كلمة كن من قوله تعالى:
إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون
Página desconocida