وقد عني الشدياق -كما رأينا من مؤلفاته- بالأبحاث اللغوية, ومن ذلك كتابه "الجاسوس على القاموس" الذي حاول فيه أن يستدرك على صاحب "القاموس" ماجاء في معجمه من قصور وإبهام وإيجاز وريهام وعسر في مراجعة الأفعال ومشتقاتها، وذلك بأن يؤلف في اللغة كتابا سهل الترتيب, واضح التعاريف، شاملا للألفاظ التي استعملها الأدباء والكتاب, وكل من اشتهر بالتأليف.
وقد دعاه إلى ذلك أمران:
أولهما: مزاحمة اللغات الأجنبية للغة العربية واللسان؛ فكادت تجلي عنه أهله، وتحجب عنهم ظله، وتحبس وابله وطله؛ لأن ترتيب كتب لغاتهم أسهل, والوصول إليها أعجل، ولا سيما أنها قليلة المشتقات، وليس في تعريف ألفاظها كبير اختلاف في الروايات، أما من يتعاطون من التجارة، ويحملون عبء الإمارة، فإنهم يزعمون أن اللغة العربية لا تصلح في هذا الزمن لهاتين الخطتين, فلابد بكلام الأجانب وإن أدى إلى الحطتين، فمن ثم مست الحاجة إلى زيادة تفصيل لمفردات لغتنا ومركباتها، وتبيين لأصولها من متفرعاتها ... إلخ".
وثانيهما: رغبة في حث أهل العربية على حب لغتهم الشريفة، وحث أهل العلم على تحرير كتاب فيها, خال من الإخلال، مقرب كما يطلبه الطالب منها دون كلال، فإني رأيت جميع كتب اللغة مشوشة الترتيب، كثر ذلك أو قل, وخصوصا كتاب "القاموس" الذي عليه اليوم المعول".
Página 80