221

En la literatura moderna

في الأدب الحديث

Géneros

"إن الأمة التي ليس لها في شئونها حل ولا عقد، ولا تستشار في مصالحها, ولا أثر لإرادتها في منافعها العمومية، وإنما هي خاضعة لحاكم واحد؛ إرادته قانون, ومشيئته نظام، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ويتداولها العلم والجهل، ويتبادل عليها الغنى والفقر، ويتناوبها العز والذل ، وكل ما يعرض عليها من هذه الأحوال خيرها وشرها، فهو تابع لحال الحاكم، فإن كان حاكمها عالما حازما أصيل الرأي، عالي الهمة، رفيع المقصد، قويم الطبع، ساس الأمة بسياسة العدل, ورفع فيها منار العلم، ومهد لها طرق اليسار والثروة، وفتح لها أبوابا للتفنن في الصنائع والحذق في جميع الوازم اليحاة، وبعث في أفراد المحكومين روح الشرف والنخوة، وحملهم على التحلي بالمزايا الشريفة؛ من الشهامة والشجاعة، وإباء الضيم، والأنفة من الذل، ورفعهم إلى مكانة عليا من العزة، ووطأ لهم سبل الراحة والرفاهة وتقدم بهم إلى كل وجه من وجوه الخير.

وإن كان حاكمها جاهلا، سيئ الطبع، سافل الهمة، جبانا, ضعيف الرأي أحمق الجنان، خسيس النفس، معوج الطبيعة، أسقط الأمة بتصرفه إلى مهاوي الخسران، وضرب على نواظرها غشاوات الجهل، وجلب عليها غائلة الفاقة والفقر، وجار في سلطته عن جادة العدل، وفتح أبوابا للعدوان؛ فيتغلب القوي على حقوق الضعيف، ويختل النظام، وتفسد الأخلاق، وتخفض الكلمة, ويغلب اليأس؛ فتمتد إليها أنظار الطامعين، وتضرب الدول الفاتحة بمخالبها في أحشاء الأمة، عند ذلك, إن كان في الأمة رمق من الحياة، وبقيت فيها بقية منها، وأراد الله بها خيرا، اجتمع أهل الرأي وأرباب الهمة من أفرادها, وتعانوا على اجتثاث هذه الشجرة الخبيثة، واستئصال جذورها، قبل أن تنشر الرياح بذورها، وأجزاءها السامة القاتلة بين جموع الأمة فتميتها, وينطقع الأمل من العلاج1".

بمثل هذا الأدب أخذ المصلحون ينادون الشعوب المستكينة للذل, ويوقظونها من سباتها العميق, وينددون بما عليه أبناؤها من جبن وخور، فلا يغضبون لكرامة امتهنت، ولا يثورون لعفاف ثلم، وشرف دنس:

Página 243