El filósofo y el arte de la música
الفيلسوف وفن الموسيقى
Géneros
قد طبعوا الشعب الألماني بطابعهم الخاص في الموسيقى. وأدى إدخال الأفكار الفنية الفرنسية، ممتزجة بشعر المغنين الجوالين وأغانيهم، إلى خلق تراث موسيقي حافل مهد الطريق لظهور فئة أخرى من الشعراء والموسيقيين الجوالين، هي «المينيزنجر
Minnesinger »، وكانت موسيقى «المينيزنجر» الألمان وشعرهم، شأنها شأن موسيقى «التروفير» الفرنسيين وشعرهم، تدور حول الحب والدين والسياسة والمغامرات.
ولقد أصبح «المينيزنجر»، بفضل أغانيه وأشعاره، نبي الألمان. وكان الجو السياسي يموج بشيء فسره الخيال المرهف ل «المينيزنجر» بأنه تغير وشيك الوقوع، ولا جدال في أنه كان يلقى في ذلك تأييدا من أسرة «هوهنشتاوفن
Hohenstaufen » المالكة؛ فقد تشكك المينيزنجر في قداسة البابوية وفي سلطاتها الاجتماعية. وكان ذلك كفيلا بإحداث صدع تام في بناء المسيحية في ألمانيا لولا أن البابا «أنوتشنتي الثالث» رد للكنيسة السلطة التي كانت لها في البداية، وأصبح مسيطرا على الموقف السياسي، غير أن الفنان كان قد أشعل شرارة الخيال الثائر بين العناصر المفكرة في جميع أرجاء ألمانيا والنمسا؛ ولذلك فعلى الرغم من أن سلطة البابا قد عادت إلى السيطرة على الولايات الألمانية، فإن عجلة التغير لم تكد تتوقف حتى ظهر فنان آخر، أشد تعصبا وتحمسا من أفلاطون، انشق نهائيا على روما.
كان المينيزنجر «فالتر فون در فوجلفيده
Walther von der Vogelweide » من أسرة عريقة، بحيث إن مركزه في بلاط «الهوهنشتاوفن» الحافل بالمؤامرات والدسائس، لم يكن مهددا من الوجهة الاجتماعية، أو متوقفا على عبقريته من حيث هو شاعر غنائي وموسيقار. وقد وصف بأنه شاعر موسيقار من طبقة الفرسان، ومن المعتقد أنه كان يجوب أرجاء الولايات الألمانية متنكرا في ثوب موسيقي جوال (
minstrel ). وكان فالتر مفكرا رومانسيا مثلما كان شاعرا وموسيقيا ساخرا، كرس فنه لخدمة الحركة المعادية للبابا، التي كان فردريك الأول قد أعطاها الدفعة الأولى. وقد أخذ الشعراء والموسيقيون الألمان على عاتقهم فصل الإمبراطورية الألمانية عن روما، وأطلقوا على البابا اسم «المسيح الدجال». وهكذا أجريت تفرقة نظرية بين المسيحية وبين حكم البابا لأول مرة بعد ألف ومائتي عام. وأصبح فالتر هو النصير القوي والمرشد الروحي للفنانين. غير أن فردريك مني بهزيمة عسكرية، ولكي يستعيد ما يمكن استعادته من نفوذه، سار حافي القدمين على الجليد، وركع خاضعا تائبا أمام البابا «ألكسندر الثالث»، وعادت لروما السيطرة مرة أخرى. وقد شهد «فالتر فون در فوجلفيده» هذا التحول المؤسف لمجرى الأحداث، وكان كل ما يستطيع أن يفعله هو أن يقف عن بعد، ويرقب البابا التالي «أنوتشنتي الثالث»، وهو يمهد الطريق لانهيار الإمبراطورية الألمانية.
لقد كان شعراء التروبادور يتخطون الحواجز الجغرافية، وينشرون نوعا جديدا من الفن متحررا تماما من رقابة الكنيسة وسلطانها في جميع البلدان المحيطة بفرنسا. ومع ذلك فإن شعر التروبادور وموسيقاهم كان فنا أرستقراطيا لا يشارك فيه بالضرورة جميع الفرنسيين أو أفراد الطبقات الدنيا في مختلف أرجاء أوروبا. وكانت موسيقاهم تنطوي على نغمة أساسية متكررة ، هي النزاع الاجتماعي الذي يرجع إلى صراع مرير على السيطرة بين البابا والملك. وقد استعان التروبادور بالألحان الشعبية، وعلى الرغم من أنهم عدلوها بحيث تلائم أغراضهم، فإنهم ساعدوا على حفظها ونشرها. أما الكنيسة فقد سلكت طوال القرون مسلكا مخالفا، فحرمت الألحان الشعبية وتجاهلتها، فكانت النتيجة أن هذه الألحان لم تسجل، وليس هناك من سبيل إلى معرفة عدد ما فقد منها. ولو كانت هذه الألحان قد دونت بنفس العناية التي دونت بها الموسيقى الكنسية، لازدادت معرفتنا بموسيقى العصور الوسطى ثراء إلى حد بعيد، ولكن الكنيسة كانت تنظر إلى الموسيقى الشعبية على أنها سوقية لا تستحق التسجيل.
والواقع أن ما تبقى لنا من الإنتاج الموسيقي لمختلف فئات الشعراء الجوالين، وهم «التروبادور» و«المينيزنجر» و«الجونجلور» (الأدباتية)
jonglieur
Página desconocida