El filósofo y el arte de la música
الفيلسوف وفن الموسيقى
Géneros
وكانت الأناشيد الجريجورية تستخدم نظاما من العلامات «النومس»
neumes
كوسيلة للتدوين، وهذه العلامات التي يمكن العثور عليها في المخطوطات الجريجورية التي حفظت لنا منذ عهد بعيد يرجع إلى القرن التاسع، لم تكن تقدم للمغني إلا تلميحا تقريبيا عن مجرى اللحن. أما الألحان والقوالب ذاتها، فكانت تنقل من جيل إلى جيل بالسماع؛ إذ إن العلامات لم تكن تصلح إلا للتذكرة فحسب. ومع ذلك امتد نظام العلامات «النومس» هذا إلى التدوين الحديث مباشرة؛ لأنه كان يستطيع أن يدل المغني على اتجاه الخط اللحني نحو الارتفاع أو نحو الانخفاض. وقد حدث في وقت ما، من هذه القرون، أن توصل أحد الرهبان إلى فكرة التدوين الموسيقي، واختار لسبب ما، خطا أفقيا لتمييز ارتفاع صوت معين عن الآخر، وبعد ذلك بوقت قصير أضيف خط ثان، حتى إذا ما جاء القرن الحادي عشر ظهرت في المخطوطات أو الخطوط الموسيقية المعروفة، فكان الخط الأحمر يدل على النغمة «فا
F »، والخط الأصفر (وأحيانا الأخضر) يدل على «دو
C »، وأدى إلى ذلك تكوين مفتاحي فا ودو ابتداء من القرن الثاني عشر، ثم أعقبها مفتاح صول
G ، وأدخل الراهب البندكتيني «جويدو داريتسو
Guido dArezzo » (995-1050م) تحسينات على طريقة التدوين، ومن المعتقد أنه تقدم بنظريات جديدة في التدوين إلى البابا يوحنا التاسع عشر في أوائل القرن الحادي عشر.
القسم الرابع: فيلسوف العصر الوسيط والموسيقى
يرجع أصل كثير من القوالب الموسيقية الكنسية إلى نصوص دنيوية، بل إباحية في أحيان غير قليلة، كانت لها ألحان سهلة الحفظ. كذلك كان للموسيقى الكنسية بدورها تأثير مباشر في الموسيقى الدنيوية. وطوال الفترة الأولى من تطور الكنسية كان المسئولون من رجال الدين يرقبون عن كثب تلك الموسيقى الدنيوية، وما كانوا يعدونه دنسا فيها. ومع ذلك فقد وجدت الأغنيات القومية المحلية طريقها إلى المعابد المقدسة، واجتذبت الموسيقى الدنيوية في ذلك العصر جمهور المتعبدين، والكهنة المشرفين على العبادة بدورهم. وترتب على ذلك أن التحذيرات التي كانت تأتي من روما كانت موجهة إلى رجال الدين ورعيتهم في آن واحد، وكانت الكنيسة تشعر بأن من واجبها ألا تستسلم في أي ميدان، أو تتردد في تفسيراتها، إذا شاءت أن تحتفظ بمواقعها، بل أن تظل قلعة ثابتة راسخة تقف في وجه الهرطقة والمؤثرات الوثنية الكافرة.
ولقد رأينا من قبل أن المزامير التي ورثها العبرانيون للمسيحيين، كانت في تطور القوالب الموسيقية، أقدم لون من ألوان الموسيقى الكنسية، وكان المسيح يعرف شعائر المعابد اليهودية معرفة كافية، بدليل أنه عندما ودع حوارييه حدد معالم الجو الديني للعشاء الأخير بغناء المزامير. وفيما تلا ذلك من السنين، عرف الوثنيون والمنتصرون الذين كانوا غيورين على ممارسة شعائر الكنيسة، أو الذين أقبلوا عليها بحماسة، أناشيد المزامير، ولما كانت إحدى الطوائف تفر من مضطهديها، كانت تحمل معها المزامير حيثما وجدت ديارا جديدة. وهكذا انتشرت المزامير في الفترة التالية إلى حد أنها كانت من جهة قيدا على حرية الطوائف المسيحية، وكانت من جهة أخرى مصدرا زاخرا للموسيقى، يستمد منه المؤمنون من القوة والعزاء الروحي ما يكفل لهم الصمود خلال أوقات المحن.
Página desconocida