El filósofo y el arte de la música
الفيلسوف وفن الموسيقى
Géneros
25
أما التخليط الصوتي الصاخب فقد يجعل النفس البشرية تتضارب مع النظام المثالي للأشياء. وعلى ذلك فمن الواجب نبذ الشعراء المغنين الذين يضعون موسيقى غير ملائمة للنظام الطبيعي من صفوف المجتمع؛ إذ إنهم يحطمون النفوس، ويعجلون بهلاك المجتمع.
القسم الثالث: أرسطو
اقتبس أرسطو (384-322ق.م.) جزءا كبيرا من فلسفته من أفلاطون؛ فقد اتفق مع أستاذه على أن الموسيقى فن مقلد، صيغ على أنموذج الانسجام الكوني. كذلك نظر أرسطو إلى الموسيقى، كما نظر إليها اليونانيون عامة، على أنها أكثر الفنون تقليدا للشخصية وتمثيلا لها؛ إذ إنها صورة مباشرة للشخصية أو نسخة منها. «إن الإيقاع واللحن يهيئان محاكاة للغضب والرقة، وكذلك الشجاعة والاعتدال، وكل الصفات المضادة لهذه وغيرها من صفات الشخصية، وهذه المحاكاة لا تكاد تفترق عن الانفعالات الأصلية إلا قليلا، كما نعلم من تجربتنا الخاصة؛ إذ إن سماعنا لهذه يحدث في نفوسنا تغيرات. وليست عادة الشعور باللذة أو الألم إزاء التمثلات المجردة بمختلفة كثيرا عن نفس هذا الشعور إزاء الأشياء الواقعية.»
26
وإذن ففي الإيقاع واللحن نجد محاكاة شديدة الواقعية للغضب والهدوء، فضلا عن الشجاعة والاعتدال وأضداد هذه الصفات؛ أي إن المحاكاة الموسيقية لا تقتصر على الأحوال الشعورية فحسب، بل تشمل الصفات الأخلاقية والاستعدادات الذهنية أيضا؛ فالموسيقى التي يضعها شخص ما، تشكل شخصية المستمع في اتجاه الخير أو الشر. والموسيقى انعكاس لصانعها، والأمر في ذلك لا يقتصر على كون شخصية المرء تصور فيما يخلقه، بل إن من تصل موسيقاه إلى أسماعهم يتأثرون إلى حد بعيد.
كذلك ربما كان أرسطو متأثرا بأفلاطون عندما وضع النظرية القائلة إن المأساة «التراجيديا» ينبغي أن تتضمن أفعالا تثير الشفقة والخوف، حتى تتم عملية «التطهير
Kathaarsis » الانفعالي،
27
فلا شك أن أرسطو كان يعرف ذلك النص الذي لاحظ فيه أفلاطون في محاورة «القوانين» أن الحركة مفيدة للنفس والجسم معا؛ لأن الإيقاع يهدئ الخوف ويعيد التوازن النفسي؛ فقد قال أفلاطون: «إن انفعال الراقصات في أعياد الخمر، كذلك الأطفال، هو انفعال خوف، ينشأ عن عادة سيئة للنفس. وعندما يبعث أحد مثيرا خارجيا في هذا النوع من الانفعالات، فإن الحركة الآتية من الخارج تغلب على الحركة الداخلية الفظيعة العنيفة، وتحدث طمأنينة وهدوءا في النفس وتهدئ النبضات المضطربة للقلب، وهو أمر مرغوب فيه إلى حد بعيد؛ إذ يجعل النعاس يدب في أجفان الطفل، ويجعل الراقصات، مع بقائهن أيقاظا، يرقصن على المزمار بمعونة الآلهة التي يقدمن إليها قرابين مقبولة، ويبعث فيهن حالة ذهنية متزنة تحل محل التشنجات.»
Página desconocida