El filósofo y el arte de la música
الفيلسوف وفن الموسيقى
Géneros
The Beautiful in Music » يقول: «إذا أردنا أن نقرر إن كانت الموسيقى تتصف بصفة التحدد، ونبحث في طبيعتها وخصائصها، وفي حدودها واتجاهاتها، فمن الواجب ألا نأخذ في اعتبارنا أي شيء سوى موسيقى الآلات؛ فما تعجز موسيقى الآلات عن الوصول إليه، يتجاوز أيضا نطاق الموسيقى بمعناها الصحيح؛ إذ إن موسيقى الآلات هي وحدها الموسيقى الخالصة المكتفية بذاتها ... ولفظ «الموسيقى» بمعناه الصحيح ينبغي أن تستبعد منه المؤلفات التي تلحن فيها الكلمات ... بل إن من الواجب أن تستبعد من مجال الموسيقى المؤلفات التي يقدم لها بنصوص مكتوبة، أو ما يسمى بالموسيقى ذات البرنامج؛ فاتحاد الموسيقى بالشعر، وإن كان يزيد من قدرتها، لا يوسع حدودها.»
22
وبعد صفحات يضيف هانسليك: «إن السبب الأكبر في عجز الناس عن كشف عناصر الجمال التي تحفل بها الموسيقى الخالصة هو أن المذاهب الجمالية القديمة كانت تحط من قدر العنصر المحسوس، وتخضع الموسيقى لاعتبارات الأخلاق والشعور، أو ل «الفكرة» في مذهب هيجل.»
23
وإذن فقد كان هانسليك يعد الموسيقى فنا مكتفيا بذاته، لا يشير إلى أي شيء خارج نطاق النغم الخالص والإيقاع؛ فليس في مقدور الموسيقى أن تصور شخصيات أو موضوعات مادية أو تفسر مذاهب فلسفية، وإنما تقتصر الموسيقى على مجال الصوت. وكان يرى أنه إذا كانت النماذج الصوتية المتحركة بعد تطويرها لحنيا هي التي تؤلف مضمون الموسيقى، فإن الشكل والمضمون واحد في الموسيقى؛ إذ ليس للموسيقى مضمون بخلاف نماذجها الصوتية الخالصة. وإذن فالأفكار التي يصورها الموسيقي هي أفكار موسيقية خالصة. وعندما يخطر اللحن بذهنه يكون لحنا خالصا، ولا يمثل شيئا سوى ذاته فحسب، وليست الفكرة الموسيقية إلا فكرة نغمية، لا فكرة منطقية يتعين ترجمتها في البدء إلى لغة الأنغام، وليس لفلسفة الفن الموسيقي شأن بالحياة الشخصية للموسيقي، أو غرامياته، أو عداوته، وإنما هي تتعلق بإنتاجه فحسب، من حيث ما تدلنا عليه الموسيقى ذاتها.
ولقد كان هانسليك من أنصار الموضوعية في فلسفته الجمالية، شأنه شأن كل أصحاب النظرة الخالصة إلى الفن، فكان يرى أن العمل الموسيقي يكون جيدا أو رديئا بناء على صفاته الكامنة؛ فالعمل الفني مستقل بذاته، وينبغي ألا يترك للتقدير الذاتي للمستمع الذي يحكم على الموسيقى وفقا لحالته النفسية. ولا بد للتجربة الجمالية من نشاط عقلي؛ إذ إن هانسليك قد رفض الرأي الرومانتيكي القائل إن الموسيقى هي قبل كل شيء تعبير عن الشعور، فلا يمكن تحديد القيمة الفنية للموسيقى على أساس تأثيرها في المشاعر، وإنما الواجب أن يصدر هذا الحكم بواسطة العنصر الروحي والعقلي في الإنسان، ولا يمكن أن تكون الموسيقى تجربة جمالية لدى الشخص الذي يستخدمها عاملا جانبيا مساعدا في أحلام يقظته، وإنما هي بالنسبة إليه مخدر فحسب. ومن هنا فإن «فالسات» شتراوس لم تعد موسيقى بمجرد أن رقص الناس على أنغامها.
ولقد كان جلوك يجعل للشعر الأسبقية على الموسيقى، على حين أن موتسارت رأى أن من الواجب أن يكون الشعر ابنا مطيعا للموسيقى. أما الموسيقيون الرومانتيكيون فقد تحدثوا عن «لغة للموسيقى» تجمع بين الشعر والغناء. وأما فاجنر فقد اعتقد أنه حقق الاندماج بين الفنون على أكمل نحو في الدراما الموسيقية. وعلى هؤلاء جميعا رد هانسليك بقوله: إن الموسيقى فن مستقل قائم بذاته.
وقد كتب هانسليك يقول: «لقد تسبب روبرت شومان
Robert Schumann
في أضرار جسيمة بقضيته القائلة إن المبادئ الجمالية لأحد الفنون هي مبادئ الفنون الأخرى، ولكن المادة وحدها هي التي تختلف.» وفي مقابل ذلك يقول جريلبارتسر
Página desconocida