El filósofo y el arte de la música
الفيلسوف وفن الموسيقى
Géneros
ومن الملاحظ أن موتسارت، رغم كونه كاثوليكيا مؤمنا، قد انضم إلى الحركة الماسونية احتجاجا على المظالم الاجتماعية التي كانت الدولة تسببها، والكنيسة تسمح بقيامها. وعلى حين أنه قد سر عندما أعلن موت فولتير «الملحد»، فإنه عندما مات هو ذاته، لم يجد قسيسا يقبل الإشراف على دفنه؛ لأنه كان ماسونيا.
ولقد كانت طريقة الموسيقى والنص في الدراما الموسيقية التي وضعها موتسارت متوازنين بطريقة سليمة. وعمل موتسارت على زيادة عدد المجموعات الغنائية في أوبراته بالنسبة إلى عددهم عند السابقين عليه، على أساس أن المجموعة الغنائية تحدث على المسرح تأثيرا دراميا يفوق تأثير المغني الواحد . كما أنه أظهر مقدرته المسرحية بإعطائه للشخصيات الرئيسية في الأوبرا أسلوبا محدد المعالم طوال العرض. وقد عمق هذه الشخصيات بوسائل لم تعرفها التقاليد السائدة من قبل، وذلك بإيجاد جو هزلي له أساس خلقي جاد، غير أن هذا التجديد الأوبراتي لم ينجح للأسف في إيطاليا؛ إذ كان التراث الإيطالي قد تغلغل في ذلك الوقت في نفوس الإيطاليين إلى حد أنهم أصبحوا ينفرون من أي مزج بين الأوبرا الجادة (سيريا) والأوبرا الهازلة (بوفا)؛ فهم قد اعتادوا أوبرا ذات أسلوب واحد، إما هازلة وإما جادة، وهذا هو ما كانوا ينتظرونه من الأوبرا.
أما موسيقى لودفيج فان بيتهوفن
Ludwig van Beethoven (1770-1827م) فإنها، كما قال فكتور هيجو، تصغي إلى انسجام الأفلاك الذي أكده الفيلسوف أفلاطون. كما ردد برليوز هذا القول، فامتدح معبوده بيتهوفن بقوله إن موسيقاه نسخة صادقة من الانسجام السماوي. وكتب فاجنر يقول: إن موسيقى بيتهوفن تجسيد للإرادة الكلية، وتعبير عن فلسفة شوبنهور في الموسيقى. تلك بعض المقارنات التي أجريت بين موسيقى بيتهوفن وبين ميتافيزيقا بعض الفلاسفة الكبار.
ولقد أصبحت آراء بيتهوفن الجمالية في الموسيقى مقدسة في نظر الرومانتيكيين، وكان نجاحه في إخضاع الأرستقراطية لإرادته تحقيقا ظافرا للآراء الاجتماعية لمدرسة مانهايم. وقد أصبح بيتهوفن مثالا للموسيقي الذي لا يخضع للقيود، والذي لا يكتب للكنيسة ولا لسيد يرعاه، وإنما يكتب لنفسه. ولم يكن يؤلف موسيقاه انصياعا لأوامر تملى عليه، وإنما كان يؤلفها لأنه يريد ذلك، ولأن روحه هي التي تدفعه إلى التأليف. وكان بيتهوفن يمثل كل ما تطلع إليه الموسيقي الكلاسيكي، وما كان يعود إليه الموسيقي الرومانتيكي بأنظاره في إعجاب وخشوع.
وتتصف موسيقى هايدن وموتسارت وبيتهوفن بأن للحن الأهمية الأولى فيها، وقد ظلت موسيقى بيتهوفن خالصة بلا غناء، فيما عدا استثناءات قليلة لا ترقى إلى مستوى موسيقاه الخالصة؛ ذلك لأن النطاق الصوتي الذي يفرضه على مغنيه كثيرا ما يكون مرهقا وغير طبيعي. وهذه الظاهرة تصبح مفهومة إذا ما أخذنا بمأخذ الجد ملاحظته القائلة: «إنني أسمع موسيقاي دائما على آلات، لا على أصوات بشرية.» وحيثما يضيف بيتهوفن الصوت البشري ، كما في «السيمفونية التاسعة» فإن ذلك لا يؤدي إلى زيادة الموسيقى ثراء. ومع ذلك ففي أوبراه الوحيدة «فيدليو» تتسم الأجزاء الغنائية بميزات موسيقية فريدة تكذب النظرية القائلة إنه لم يكن يستطيع أن يكتب للصوت البشري بنفس الإجادة التي يكتب بها للآلات الموسيقية.
الفصل السابع
الفلسفة التالية ل «كانت» والرومانتيكية
في الموسيقى
القسم الأول: الفلسفات الموسيقية عند هيجل وشوبنهور ونيتشه
Página desconocida