El filósofo de los árabes y el segundo maestro
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Géneros
بعد أن قضى الفارابي وطره من دروس أبي بشر متى تحول عن بغداد إلى حران فأخذ عن يوحنا بن حيلان المنطق أيضا، ثم إنه قفل راجعا إلى بغداد كما يقول ابن خلكان، وقرأ بها علوم الفلسفة وتناول جميع كتب أرسطاطاليس وتمهر في استخراج معانيها. ويقال: إنه وجد كتاب النفس لأرسطاطاليس وعليه بخط أبي نصر الفارابي: إني قرأت هذا الكتاب مائة مرة، ونقل عنه أنه كان يقول: قرأت السماع الطبيعي لأرسطاطاليس الحكيم أربعين مرة وأرى أني محتاج إلى معاودة قراءته.
ويذكر ابن خلكان أن الفارابي ألف في بغداد معظم كتبه، ثم انتقل الفارابي إلى الشام، ثم توجه إلى مصر وعاد إلى الشام، واتصل هناك بسيف الدولة بن حمدان الذي عرف له فضله وأكرم وفادته فعاش في كنفه حتى مات.
وكلام المؤرخين مضطرب في أمر هذه الانتقالات، وقد أورد ابن خلكان في كتاب الوفيات أن أبا نصر ذكر في كتابه الموسوم بالسياسة المدنية أنه ابتدأ بتأليفه في بغداد وأكمله في مصر.
وليس في كتاب السياسة المدنية المطبوع شيء من هذا، وذكر ابن أبي أصيبعة أنه ابتدأ بتأليف كتاب المدينة الفاضلة، والمدينة الجاهلة، والمدينة الفاسقة، والمدينة المبدلة، والمدينة الضالة ببغداد، وحمله إلى الشام في أواخر سنة 330، وتممه بدمشق في سنة 331، وحرره ثم نظر في النسخة بعد التحرير فأثبت فيها الأبواب، ثم سأله بعض الناس أن يجعل له فصولا تدل على قسمة معانيه فعمل الفصول بمصر في سنة 337، وذكر ابن أبي أصيبعة في موضع آخر من ترجمته ما نصه: «ونقلت من خط بعض المشايخ أن أبا نصر سافر إلى مصر سنة 338 ورجع إلى دمشق وتوفي بها سنة 339.»
والظاهر أن الفارابي رجع من بغداد إلى دمشق سنة 339، وهي السنة التي حدث فيها وباء ببغداد وغلاء مفرط حتى أكل الناس الجيف، وفيها حدثت فتنة البريدي.
وأقام بدمشق في شظف من العيش وهو على ذلك دائم الاشتغال بالحكمة، قال ابن أبي أصيبعة نقلا عن الآمدي: إن الفارابي كان في أول أمره ناطورا في بستان بدمشق، وهو على ذلك دائم الاشتغال بالحكمة والنظر فيها والتطلع إلى آراء المتقدمين وشرح معانيها.
وكان ضعيف الحال حتى إنه كان في الليل يسهر للمطالعة والتصنيف ويستضيء بالقنديل الذي للحارس، وبقي على ذلك مدة.
وملك سيف الدولة حلب سنة 333 وبسط حمايته على العلم والأدب، فقصد إليه الفارابي وآوى منه إلى ركن شديد، ثم إنه عظم شأنه وظهر فضله واشتهرت تصانيفه وكثرت تلاميذه ...
وقد عاش منذ ذلك الحين في كنف سيف الدولة منقطعا إلى التعليم والتأليف، غير منقطع عن الأسفار التي كان بها مغرما، وبلغت به أسفاره إلى مصر ثم رجع إلى الشام. ولعله كان يتنقل بين حلب عاصمة الحمدانيين ودمشق التي كانت تدخل في حوزتهم تارة وتخرج أخرى.
وفاته
Página desconocida