El filósofo de los árabes y el segundo maestro
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Géneros
عقيدته
بقي أن البيهقي قال في كتابه «تاريخ حكماء الإسلام» عن الكندي: «واختلفوا في ملته فقال قوم: [كان] يهوديا ثم أسلم، وقال بعضهم كان نصرانيا». وقال الشهرزوري في «نزهة الأرواح»: «وقيل: كان يهوديا ثم أسلم، وقيل: كان نصرانيا»، ويلاحظ أن المؤلفين كليهما لم يذكرا للكندي نسبا إلا أنه يعقوب بن إسحاق، وليس في الاسمين ما يميز ملته، فدل ذلك على أنهما خلطا بين أبي يوسف يعقوب بن إسحاق الأشعثي وبين كندي آخر. ولا يستحق هذا الاشتباه إلا أن ينبه إليه. وفي كتابي البيهقي والشهرزوري أخطاء تاريخية كثيرة ظاهرة البطلان عند الكلام على غير الكندي، وفي النسخ التي بين أيدينا منهما تحريفات كثيرة على أنه لا يبعد أن تكون هذه الأضاليل من آثار ما كان يدسه على الكندي خصومه تشويها لذكره وتشنيعا عليه.
وفاته
هذا وقد ذكر صاحب كتاب «أخبار الحكماء» سبب موت الكندي بقوله: «قال أبو معشر: وكانت علة يعقوب بن إسحاق أنه كان في ركبته خام، وكان يشرب له الشراب العتيق فيصلح، فتاب من الشراب وشرب شراب العسل، فلم تنفتح له أفواه العروق، ولم يصل إلى أعماق البدن وأسافله شيء من حرارته ، فقوي الخام فأوجع العصب وجعا شديدا، حتى تأتى ذلك الوجع إلى الرأس والدماغ فمات الرجل؛ لأن الأعصاب أصلها من الدماغ.»
أما تاريخ وفاته فلم يعرض لذكره أحد عرفناه ممن ترجموا له من الأقدمين، وقد حاول المحدثون أن يحددوا ذلك التاريخ من سبيل الاستنباط: فمنهم من جعل موته سنة 246ه / 860م كالأستاذ «مسنيون» في نصوصه الصوفية، ومنهم من جعله نحو سنة 260ه / 873م كالأستاذ «نالينو» في محاضراته في الفلك وتاريخه عند العرب في القرون الوسطى.
ويقول «ده بوير» في دائرة المعارف الإسلامية: إن الكندي كان يعيش سنة 257ه / 870م حيث اعتقد أنه يستطيع أن يؤكد للخلافة العباسية، وهي يومئذ مهددة بالقرامطة، بقاء يدوم حوالي 450 عاما.
وقد نقلنا فيما سبق عن الفهرست ما يثبت أن الكندي نسخ كتابا بخطه سنة 249 رآه ابن النديم. وفي تاريخ الطبري عند الكلام على موت المنتصر بالله سنة 248 والتشاور في تعيين خلفه: أن محمد بن موسى المنجم سعى في دفع الخلافة عن أحمد بن المعتصم؛ لأنه صاحب الكندي الفيلسوف.
كل هذا يباعد رأي الأستاذ «مسنيون».
ثم إن الجاحظ المتوفى سنة 255ه يذكر ما ذكره عن الكندي في كتابيه «الحيوان» و«البخلاء» في صيغة الماضي الدالة على أن الكندي كان ميتا حين كتب كتابه، وكتاب «البخلاء» مؤلف على الراجح سنة 254ه وكتاب «الحيوان» سابق عليه. فالكندي لم يكن حيا في سنة 254ه ولا في سنة 253ه إن صح أن الجاحظ كتب «الحيوان» في هذه السنة.
وتدل رسالة الكندي في ملك العرب وكميته على أنه شهد عهد الخليفة المستعين، وشهد الفتنة التي قتل في أعقابها المستعين آخر رمضان سنة 252، فالراجح أن الكندي توفي في أواخر سنة 252.
Página desconocida