El filósofo de los árabes y el segundo maestro
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
Géneros
وكان الكندي يشترط على السكان أن يكون له روث الدابة وبعر الشاة، ونشوار العلوفة، وأن لا يخرجوا عظما، ولا يخرجوا كساحة، وأن يكون له نوى التمر، وقشور الرمان، والغرفة من كل قدر تطبخ للحبلى في بيته، وكان في ذلك يتنزل عليهم، فكانوا لطيبه وإفراط بخله، وحسن حديثه يحتملون ذلك.»
وافتن الجاحظ في خياله فأنشأ على لسان الكندي احتجاجات يساجل بها الساكنين عنده تبريرا لشح نفسه، وطمعه في النزر القليل، وأسلوب الجاحظ نفسه ظاهر كل الظهور في تلك الاحتجاجات، على ما فيها من تكلف الجدل الفلسفي.
على أن الجاحظ في تشنيعه على الكندي تند منه كلمات بإقراره بعقل الرجل وعلمه، وأنه ينقم منه الشح بالطعام، وترويج ذلك الشح.
فهو يقول في مقدمة كتابه: «... وذكرت ملح الحزامي واحتجاج الكندي، ورسالة سهل بن هارون، وكلام ابن غزوان، وخطبة الحارثي ... ولم احتجوا مع شدة عقولهم بما أجمعت الأمة على تقبيحه، ولم فخروا مع اتساع معرفتهم بما أطبقوا على تهجينه، ولم سخت نفس أحدهم بالكثير من التبر وشحت بالقليل من الطعم، وقد يعلم أن الذي منعه يسير في جنب ما بذله، وأنه لو شاء أن يحصل بالقليل مما جاد به أضعاف ما بخل كان ذلك عتيدا ويسيرا موجودا.»
52
ويروي الجاحظ في بخل الكندي القصة الآتية:
وحدثني عمرو بن نهيوى قال: تغديت يوما عند الكندي فدخل عليه رجل كان له جارا، وكان لي صديقا فلم يعرض عليه الطعام ونحن نأكل، وكان أبخل من خلق الله، قال: فاستحييت منه، فقلت: سبحان الله لو دنوت فأصبت معنا مما نأكل، قال: قد والله فعلت، فقال الكندي: ما بعد الله شيء، قال عمرو فكتفه والله كتفا لا يستطيع معه قبضا ولا بسطا، وتركه ولو مد يده لكان كافرا، ولكان قد جعل مع الله جل ذكره شيئا.
53
كان الكندي رجلا منصرفا إلى جد الحياة، عاكفا على الحكمة ينظر فيها التماسا لكمال نفسه، ويقوم بأول محاولة لتوطيئها ومدافعة ما يعوق قومه عن الإقبال عليها من العصبية الجنسية والعصبية الدينية، وقد يكون ذهابه إلى أن يونان بنو عمومة للعرب من وسائله لتهدئة ثائرة العرب على علوم العجم، كما كانت له وسائل للتوفيق بين الدين والعلوم الحكيمة مدافعة لنفرة المسلمين من هذه العلوم.
ويقول ظهير الدين البيهقي:
Página desconocida