Teoría del caos: Una introducción muy breve
نظرية الفوضى: مقدمة قصيرة جدا
Géneros
بعد عشرين عاما من ظهور كتاب لابلاس حول نظرية الاحتمالات، قدم إدجار آلان بو مثالا مرجعيا مبكرا على ما قد نطلق عليه اليوم الفوضى في المناخ. ذكر بو أن مجرد تحريك أيدينا فقط سيؤثر على المناخ في جميع أنحاء الكوكب، ثم مضى بو يردد ما قاله لابلاس، مشيرا إلى أن علماء الرياضيات في كوكب الأرض باستطاعتهم حساب تطور «الخفقة» الناتجة عن حركة اليد، مع انتشار رقعة تأثيرها وتغييرها حالة المناخ إلى الأبد. بالطبع، يرجع الأمر إلينا فيما إذا كنا نريد أن نحرك أيدينا أم لا. تمثل الإرادة الحرة مصدرا آخر للبذور التي قد تغذيها الفوضى.
في عام 1831، في الفترة ما بين نشر أفكار لابلاس العلمية وشطحات خيال بو الأدبية، اصطحب الكابتن روبرت فيتزروي الشاب تشارلز داروين في رحلته الاستكشافية، وقادت الملاحظات التي دونت في هذه الرحلة داروين إلى نظريته حول الانتخاب الطبيعي. يشترك التطور والفوضى في أشياء كثيرة أكثر مما قد يعتقد المرء. أولا، عندما يتعلق الأمر باللغة، تستخدم كلمتا «التطور» و«الفوضى» في ذات الوقت للإشارة إلى الظواهر التي سيجري تفسيرها، وإلى النظريات التي من المفترض أنها تقوم بمهمة هذا التفسير، وهو ما يفضي في كثير من الأحيان إلى الخلط بين التفسير والشيء الذي يجري تفسيره (مثل «الخلط بين الخريطة والأرض»). طوال هذا الكتاب، سنرى أن الخلط بين نماذجنا الرياضية والواقع الذي تهدف إلى تفسيره يعكر صفو عملية مناقشة كل منهما. ثانيا، عند تدقيق النظر، قد يبدو أن بعض النظم البيئية قد تطورت كما لو كانت نظما فوضوية، مثلما أن فروقات صغيرة في البيئة يترتب عليها آثار هائلة. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت عملية التطور في تناول مفهوم الفوضى أيضا. يرجع الاقتباس المعروض في بداية هذا الفصل إلى قصة راي برادبري القصيرة «صوت كالرعد»، حيث يقتل صيادو الطرائد الكبيرة المسافرون عبر الزمن فراشة عن غير قصد، ثم يجدون المستقبل قد اختلف عندما يعودون إليه. تتصور الشخصيات في هذه القصة أثر قتل فأر، وهو ما يترتب عليه ضياع أجيال من الفئران والثعالب والأسود، بالإضافة إلى ما يلي:
يزج بجميع أنواع الحشرات، والنسور، وبمليارات لا نهاية لها من أشكال الحياة في فوضى ودمار ... طأ فأرا وستترك أثرا، مثل جراند كانيون عبر الأبدية. ربما لم تكن الملكة إليزابيث ستولد، وربما لم يكن جورج واشنطن ليعبر نهر ديلاوير، وربما لم تكن هناك الولايات المتحدة على الإطلاق. لذا كن حذرا. التزم بالجادة، ولا تنحرف أبدا!
من الواضح تماما أن ثمة أحد الأشخاص ينحرف عن الجادة فعلا، واطئا بقدمه حتى الموت فراشة جميلة صغيرة باللونين الأخضر والأسود. لا يمكن أن نبحث تجارب «ماذا لو» هذه إلا في إطار افتراضات الرياضيات أو الأدب؛ إذ لا يتوافر لدينا إلا تجسيد وحيد للواقع.
يلف الغموض أصول مصطلح «تأثير الفراشة». يسبق نشر قصة برادبري القصيرة الذي جاء في عام 1952 سلسلة من الأوراق البحثية العلمية حول الفوضى نشرت في أوائل الستينيات من القرن العشرين. أشار عالم الأرصاد الجوية إد لورنز ذات مرة إلى خفقة أجنحة نورس بحر باعتبارها عامل التغيير، على الرغم من أن عنوان المحاضرة التي أعلن فيها ذلك لأول مرة لم يكن من بنات أفكاره ، بل تشبه أيضا إحدى صوره الحاسوبية المبكرة لنظام فوضوي ما شكل فراشة. ولكن أيا كان شكل ذلك «الفرق الصغير»، سواء كان ذلك مسمار حدوة حصان مفقودا، أو فراشة، أو طائر نورس أو - كما جاء مؤخرا جدا - ناموسة «سحقها» هومر سيمبسون، لا تعتبر فكرة أنه تترتب على فروقات صغيرة آثار هائلة فكرة جديدة. وعلى الرغم من أن نظرية الفوضى لم توضح أصل الفرق البسيط، فهي تقدم لنا وصفا للتضخم السريع لذلك الفرق البسيط بنسب هائلة، وهذا من شأنه إحداث انهيار في ممالك كبرى؛ ومن ثم ترتبط الفوضى ارتباطا وثيقا بالتوقع والقابلية للتوقع.
توقعات الطقس الأولى
مثل ربان أي سفينة في ذلك الوقت، كان فيتزروي مهتما اهتماما عميقا بالطقس، وقد اخترع فيتزروي بارومترا أسهل في الاستخدام على متن السفينة، ويصعب في حقيقة الأمر المبالغة في تقدير قيمة بارومتر بالنسبة إلى ربان لا تتوافر لديه صور أقمار صناعية وتقارير عبر إشارات لا سلكية. ترتبط العواصف الكبرى بالضغط الجوي المنخفض؛ لذا من خلال توفير قياس كمي للضغط، وهو ما يسمح بمعرفة سرعة تغير الضغط، قد يوفر البارومتر معلومات حول ما هو محتمل وجوده في الأفق وهذه المعلومات قد تنقذ حياة أشخاص. لاحقا في حياة فيتزروي، صار أول رئيس لما صار يعرف لاحقا بمكتب المملكة المتحدة للأرصاد الجوية. واستغل خدمة التلغراف المطبقة حديثا حينها لجمع المعلومات الخاصة بالأرصاد الجوية وإصدار بيانات موجزة حول الحالة الراهنة للطقس في أنحاء بريطانيا. وجعلت خدمة التلغراف سرعة نقل أخبار الطقس تتجاوز سرعة الطقس نفسها للمرة الأولى. وبالتعاون مع لوفيريه الفرنسي، الذي اشتهر بتطبيق قوانين نيوتن لاكتشاف كوكبين جديدين، ساهم فيتزروي في الجهود الدولية الأولى لإجراء عملية توقع طقس آنية. انتقد عالم الإحصاء فرانسيس جالتون - ابن عم داروين - توقعات الطقس هذه بشدة، وكان جالتون نفسه قد نشر أول خريطة طقس في صحيفة «لندن تايمز» في عام 1875، كما يوضح الشكل رقم
1-1 .
شكل 1-1: أول خريطة للطقس تنشر في صحيفة على الإطلاق، والتي أعدها فرانسيس جالتون، ونشرت في صحيفة «لندن تايمز» في 31 مارس 1875.
إذا كان عدم اليقين الذي يرجع إلى أخطاء الرصد يوفر البذرة التي تنميها الفوضى، ففهم عدم اليقين هذا سيساعدنا في مجاراة الفوضى على نحو أفضل. مثل لابلاس، كان جالتون مهتما «بنظرية الأخطاء» بالمعنى الأوسع. ولتوضيح «المنحنى الجرسي» الشائع والذي يبدو في كثير من الأحيان أنه يعكس أخطاء القياس، ابتكر جالتون «كوينكانكس»، أو ما يطلق عليه الآن لوحة جالتون. تظهر أكثر نسخ لوحة جالتون شيوعا في الجانب الأيسر من الشكل رقم
Página desconocida