١٨- حدثنا أبو بكر، ثنا محمد بن سعدان الساجي، أحد أصحاب الشافعيّ، حدثني عليّ بن عبد العزيز، صاحب أبي عبيد، حدثني أبو سعيد الربعي، حدثني محمد بن يزيد بن حبيش، حدثني رجلٌ من إخواننا، قال: بينما أنا بعرفة، إذا أنا بامرأةٍ وهي تقول: ﴿مَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلّ﴾، ﴿وَمَنْ يُضَلِلْ [اللهُ] فَلاَ هَادِي لهُ﴾ فعلمت أنَّها ضالةٌ، فقلتُ: لَعَلَّك ضَالَّة؟ قالت: ﴿فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمان وَكُلًاّ آتَيْنا حُكمًا وعِلْمًا﴾، فَأَنختُ بَعيري، ونزلت عنه، وحملتها، فقلت: من أين أنت رحمك الله؟ قالت: ﴿سبحانَ الذي أَسرى بعبدِهِ ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأَقصى﴾ . فعلمت أَنَّها من أهل بيت المقدس، فجعلتُ أسأل عن زقاق المقدسيين، حتى انتهيت إلى قومٍ فساءلوها فلم تُكَلِّمْهُمْ، فقالوا: لعلها حروريَّة لا ترى أن تكلِّمنا، فقالت: ﴿ولا تَقِفْ ما ليسَ لكَ به علمٌ﴾ ⦗٢٩⦘ وحَانت منها التفاتةٌ فرأت طردانًا قد عرفتها، فقالت: ﴿وعلاماتٍ وبالنجمِ هُمْ يهتدون﴾ فعلمت أَنَّها تريد الطرَّادات، فقصدت بها نحوها، فقلت: من أنادي؟ وعن من أسأل؟ فقالت: ﴿يا داود إِنّا جَعَلناكَ خَليفةً في الأَرض﴾ ﴿يا يحيى خُذ الكتاب بقوَّة﴾ ﴿يا زكريَّا إِنَّا نُبَشِرُكُ بغلامٍ اسمُه يحيى﴾ فعلمت أنَّها تريد داود ويحيى وزكريا، فجعلت أقول: يا داود، يا يحيى، يا زكريا، فخرج عليَّ ثلاثة فتيان، فقالوا: أُمُّنَا وربِّ الكعبةِ، أضللناها منذ ثلاثٍ. فالتفت إليهم، فقالت: ﴿فابْعَثُوا أَحَدَكم بِوَرِقِكم هذه إلى المدينة فلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزكى طعامًا فلْيأْتكُم برزقٍ منه وليتطلف﴾ فعلمت أنها أمرتهم أن يزودوني فأخذوا مزاودي فذهبوا بها إلى السوق فملأُوها، ثم أتوني بها، فقلت: ما حالُ هذه؟ قالوا: هذه أمنا، ولم تتكلَّم بشيءٍ سوى القرآن منذ ثلاثين سنة خَشْيَةَ أَن تَزِلَّ.
1 / 28