Fawaid
الفوائد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1393 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Sufismo
الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قريب وَقَالَ الله تَعَالَى لما ذكر الْمُرْتَد وَالْمكْره بقوله مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بعد إيمَانه قَالَ بعد ذَلِك ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فَالنَّاس إِذا أرسل إِلَيْهِم الرُّسُل بَين أَمريْن إِمَّا أَن يَقُول أحدهم آمنا وَإِمَّا أَن لَا يَقُول آمنا بل يسْتَمر على عمل السَّيِّئَات فَمن قَالَ آمنا امتحنه الرب ﷿ وابتلاه وَألبسهُ الِابْتِلَاء والاختبار ليبين الصَّادِق من الْكَاذِب وَمن لم يقل آمنا فَلَا يحْسب أَنه يسْبق الرب لتجربته فَإِن أحدا لن يعجز الله تَعَالَى هَذِه سنته تَعَالَى يُرْسل الرُّسُل إِلَى الْخلق فيكذبهم النَّاس ويؤذنهم قَالَ تَعَالَى وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنّ وَقَالَ تَعَالَى كَذَلِكَ مَا أَنِّي الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون وَقَالَ تَعَالَى مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ وَمن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه فَابْتلى بِمَا يؤلمه وَإِن لم يُؤمن بهم عُوقِبَ فَحصل مَا يؤلمه أعظم وأدوم فَلَا بُد من حُصُول الْأَلَم لكل نفس سَوَاء آمَنت أم كفرت لَكِن الْمُؤمن يحصل لَهُ الْأَلَم فِي بُد من الدُّنْيَا ابْتِدَاء ثمَّ تكون لَهُ الْعَاقِبَة وَالْآخِرَة وَالْكَافِر تحصل لَهُ النِّعْمَة ابْتِدَاء ثمَّ يصير فِي الْأَلَم سَأَلَ رجل الشَّافِعِي فَقَالَ يَا أَبَا عبد الله أَيّمَا أفضل للرجل أَن يمكَّن أَو يَبْتَلِي فَقَالَ الشَّافِعِي لَا يمكَّن حَتَّى يبتلى فَإِن الله ابْتُلِيَ نوحًا وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى ومحمدا صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ فَلَمَّا صَبَرُوا مكنهم فَلَا يظنّ أحد أَنه يخلص من الْأَلَم الْبَتَّةَ وَهَذَا أصل عَظِيم فَيَنْبَغِي للعاقل أَن يعرفهُ وَهَذَا يحصل لكل أحد فَإِن الْإِنْسَان مدنِي بالطبع لَا بُد لَهُ من أَن يعِيش مَعَ النَّاس وَالنَّاس لَهُم إرادات وتصورات يطْلبُونَ مِنْهُ أَن يوافقهم عَلَيْهَا وَإِن لم يوافقوهم آذوه وعذبوه وَإِن وافقهم حصل لَهُ الْأَذَى وَالْعَذَاب تَارَة مِنْهُم وَتارَة من غَيرهم وَمن اختبر أَحْوَاله وأحوال النَّاس وجد من هَذَا شَيْئا كثيرا كقوم يُرِيدُونَ الْفَوَاحِش وَالظُّلم
1 / 208