Fawaid
الفوائد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1393 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Sufismo
﴿قَالُوا﴾ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ قَالَ الْحسن لقد دخلُوا النَّار وإنّ حَمده لفي قُلُوبهم مَا وجدوا عَلَيْهِ حجَّة وَلَا سَبِيلا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى نقطع دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَهَذِهِ الْجُمْلَة فِي مَوضِع الْحَال أَي قطع دابرهم حَال كَونه سُبْحَانَهُ مَحْمُودًا على ذَلِك فَقطع دابرهم قطعا مصاحبا لحمده فَهُوَ قطع وإهلاك يحمد عَلَيْهِ الرب تَعَالَى لَكمَا حكمته وعدله وَوَضعه الْعقُوبَة فِي موضعهَا الَّذِي لَا يَلِيق بِهِ غَيرهَا فوضعها فِي الْموضع الَّذِي يَقُول من علم الْحَال لَا تلِيق الْعقُوبَة إِلَّا بِهَذَا الْمحل وَلَا يَلِيق بِهِ إِلَّا الْعقُوبَة وَلِهَذَا قَالَ عقيب إخْبَاره عَن الحكم بَين عباده ومصير أهل السَّعَادَة إِلَى الْجنَّة وَأهل الشَّقَاء إِلَى النَّار وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمد لله رب الْعَالَمِينَ فَحذف فَاعل القَوْل إشعارا بِالْعُمُومِ وَأَن الْكَوْن كُله قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لما شاهدوا من حِكْمَة الْحق وعدله وفضله وَلِهَذَا قَالَ فِي حق أهل النَّار قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّم كَأَن الْكَوْن كُله يَقُول ذَلِك حَتَّى تَقوله أعضاؤهم وأرواحهم وأرضهم وسماؤهم وَهُوَ سُبْحَانَهُ بِخَبَر أَنه إِذا هلك أعداءه أنجى أولياءه وَلَا يعمهم بِالْهَلَاكِ بمحض الْمَشِيئَة وَلما سَأَلَهُ نوح نجاة ابْنه أخبر أَنه يغرقه بِسوء عمله وكفره وَلم يقل إِنِّي أغرقه بمحض مشيئتي وإرادتي بِلَا سَبَب وَلَا ذَنْب وَقد ضمن سُبْحَانَهُ زِيَادَة الْهِدَايَة للمجاهدين فِي سبله وَلم يخبر أَنه يضلهم وَيبْطل سَعْيهمْ وَكَذَلِكَ ضمن زِيَادَة الْهِدَايَة لِلْمُتقين الَّذين يتبعُون رضوانه وَأخْبر أَنه لَا يضل إِلَّا الْفَاسِقين الَّذين ينقضون عَهده من بعد ميثاقه وَأَنه إِنَّمَا يضل من آثر الضلال وَاخْتَارَهُ على الْهدى فيطبع حِينَئِذٍ على سَمعه وَقَلبه وَأَنه يقلب قلب من لم يرض بهداه إِذا جَاءَهُ وَلم يُؤمن بِهِ وَدفعه وردّه فيقلب فُؤَاده وبصره عُقُوبَة لَهُ على رده وَدفعه لما تحَققه وعرفه وَأَنه سُبْحَانَهُ لَو علم فِي تِلْكَ الْمحَال الَّتِي حكم عَلَيْهَا بالضلال والشقاء خيرا لأفهمها وهداها وَلكنهَا لَا تصلح لنعمته وَلَا تلِيق بهَا كرامته وَقد أزاح سُبْحَانَهُ الْعِلَل وَأقَام الْحجَج ومكّن من أَسبَاب الْهِدَايَة وَأَنه لَا يضل إِلَّا الْفَاسِقين والظالمين وَلَا يطبع
1 / 162