124

Fawaid

الفوائد

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1393 AH

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

Sufismo
وَالْمَقْصُود أَن هَذَا الْفَرح الَّذِي لَا فَرح يُشبههُ فعل مَأْمُور التَّوْبَة يدل على أَن هَذَا الْمَأْمُور أحب إِلَيْهِ من فَوَات الْمَحْظُور الَّذِي تفوت بِهِ التَّوْبَة وأثرها ومقتضاها فَإِن قيل إِنَّمَا فَرح بِالتَّوْبَةِ لِأَنَّهَا ترك للمنهي فَكَانَ الْفَرح بِالتّرْكِ قيل لَيْسَ كَذَلِك فَإِن التّرْك الْمَحْض لَا يُوجب هَذَا الْفَرح بل وَلَا الثَّوَاب وَلَا الْمَدْح وَلَيْسَت التَّوْبَة تركا وَإِن كَانَ التّرْك من لوازمها وَإِنَّمَا هِيَ فعل وجودي يتَضَمَّن إقبال التائب على ربه وإنابته إِلَيْهِ والتزام طَاعَته وَمن لَوَازِم ذَلِك ترك مَا نهى عَنهُ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ﴾ فالتوبة رُجُوع مِمَّا يكره إِلَى مَا يحب وَلَيْسَت مُجَرّد التّرْك فَإِن من ترك الذَّنب تركا مُجَردا وَلم يرجع مِنْهُ إِلَى مَا يُحِبهُ الرب تَعَالَى لم يكن تَائِبًا فالتوبة رُجُوع وإقبال وإنابة لَا ترك مَحْض الْوَجْه الْعشْرُونَ أَن الْمَأْمُور بِهِ إِذا فَاتَ فَاتَت الْحَيَاة الْمَطْلُوبَة للْعَبد وَهِي الَّتِي قَالَ تَعَالَى فِيهَا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ وَقَالَ ﴿أَو من كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَات﴾ وَقَالَ فِي حق الْكفَّار ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحيَاء﴾ وَقَالَ ﴿إِنَّكَ لَا تسمع الْمَوْتَى﴾ وَأما الْمنْهِي عَنهُ فغايته أَن يُوجد الْمَرَض وحياة مَعَ السقم خير من موت فَإِن قيل وَمن الْمنْهِي عَنهُ مَا يُوجب الْهَلَاك وَهُوَ الشّرك قيل الهلك إِنَّمَا حصل بِعَدَمِ التَّوْحِيد الْمَأْمُور بِهِ الْحَيَاة فَلَمَّا فقد حصل الْهَلَاك فَمَا هلك إِلَّا من عدم إِتْيَانه بالمأمور بِهِ وَهُوَ وَهَذَا وَجه حاد وَعِشْرُونَ فِي الْمَسْأَلَة وَهُوَ أَن فِي المأمورات مَا يجب فَوَاته الْهَلَاك والشقاء الدَّائِم وَلَيْسَ فِي المنهيات مَا يَقْتَضِي ذَلِك الْوَجْه الثَّانِي وَالْعشْرُونَ أَن فعل الْمَأْمُور يتضى ترك الْمنْهِي عَنهُ إِذا فعل على وَجهه من الْإِخْلَاص والمتابعة والنصح لله فِيهِ قَالَ تَعَالَى ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ وَمُجَرَّد ترك الْمنْهِي لَا يَقْتَضِي فعل الْمَأْمُور وَلَا يستلزمه الْوَجْه الثَّالِث وَالْعشْرُونَ أَن مَا يُحِبهُ من المأمورات فَهُوَ متعلّق بصفاته وَمَا يكرههُ من المنهيات فمتعلق بمفعولاته وَهَذَا وَجه دَقِيق يحْتَاج إِلَى بَيَان فَنَقُول

1 / 127