Fawaid
الفوائد
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1393 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Sufismo
يَأْتِ بِالْإِيمَان والأعمال الْمَأْمُور بهَا لم يَنْفَعهُ ذَلِك التّرْك شَيْئا وَكَانَ خَالِدا فِي النَّار وَهَذَا يتَبَيَّن بِالْوَجْهِ السَّابِع أَن من فعل المأمورات والمنهيات فَهُوَ إِمَّا نَاجٍ مُطلقًا إِن غلبت حَسَنَاته سيئاته وَإِمَّا نَاجٍ بعد أَن يُؤْخَذ مِنْهُ الْحق ويعاقب على سيئاته فمآله إِلَى النجَاة وَذَلِكَ بِفعل الْمَأْمُور وَمن ترك المأمورات والمنهيات فَهُوَ هَالك غير نَاجٍ وَلَا ينجو إِلَّا بِفعل الْمَأْمُور وَهُوَ التَّوْحِيد
فَإِن قيل فَهُوَ إِنَّمَا هلك بارتكاب الْمَحْظُور وَهُوَ الشّرك قيل يَكْفِي فِي الْهَلَاك ترك نفس التَّوْحِيد الْمَأْمُور بِهِ وَإِن لم يَأْتِ بضد وجودي من الشّرك بل مَتى خلا قلبه من التَّوْحِيد رَأْسا فَلم يوحد الله فَهُوَ هَالك وان لم يعبد مَعَه غَيره فَإِذا انضاف إِلَيْهِ عبَادَة غَيره عذب على ترك التَّوْحِيد الْمَأْمُور بِهِ وَفعل الشّرك الْمنْهِي عَنهُ يُوضحهُ الْوَجْه الثَّامِن أَن الْمَدْعُو إِلَى الْإِيمَان إِذا قَالَ لَا أصدق وَلَا أكذب وَلَا أحب وَلَا أبْغض وَلَا أعبده وَلَا أعبد غَيره كَانَ كَافِرًا بِمُجَرَّد التّرْك والإعراض بِخِلَاف مَا إِذا قَالَ أَنا أصدق الرَّسُول وأحبه وَأُؤْمِنُ بِهِ وأفعل مَا أَمرنِي وَلَكِن شهوتي وإرادتي وطبعي حاكمة عَليّ لَا تدعني أترك مَا نهاني عَنهُ وَأَنا أعلم أَنه قد نهاني وَكره لي فعل الْمنْهِي وَلَكِن لَا صَبر لي عَنهُ فَهَذَا لَا يعد كَافِرًا بذلك وَلَا حكمه حكم الأول فَإِن هَذَا مُطِيع من وَجه وتارك الْمَأْمُور جملَة لَا يعد مُطيعًا بِوَجْه يُوضحهُ الْوَجْه التَّاسِع أَن الطَّاعَة وَالْمَعْصِيَة إِنَّمَا تتَعَلَّق بِالْأَمر أصلا وبالنهي تبعا فالمطيع ممتثل الْمَأْمُور والعاصي تَارِك الْمَأْمُور قَالَ تَعَالَى ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمرهم﴾ وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتهمْ ضلوا أَن لَا تتبعني أفعصيت أمرى وَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ عِنْد مَوته أَنا الَّذِي أَمرتنِي فعصيت وَلَكِن لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَقَالَ الشَّاعِر أَمرتك أمرا جَازِمًا فعصيتني
وَالْمَقْصُود من إرْسَال الرُّسُل طَاعَة الْمُرْسل وَلَا تحصل إِلَّا بامتثال أوامره وَاجْتنَاب المناهي من تَمام امْتِثَال الْأَوَامِر ولوازمه وَلِهَذَا لَو اجْتنب المناهي وَلم يفعل مَا أَمر بِهِ لم يكن مُطيعًا وَكَانَ عَاصِيا بِخِلَاف مَا لَو أَتَى بالمأمورات وارتكب
1 / 121