312

Fath Rahman

فتح الرحمن في تفسير القرآن

Investigador

نور الدين طالب

Editorial

دار النوادر إصدَارات وزَارة الأوقاف والشُؤُون الإِسلامِيّة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Ubicación del editor

إدَارَةُ الشُؤُونِ الإِسلَامِيّةِ

Géneros

﴿بِالْحُرِّ﴾ كذلك ﴿وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى﴾ اختلفَ الأئمةُ في حكم الآية، فمالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ ﵃ لا يقتلون الحرَّ بالعبد، ولا المؤمنَ بالكافر، ويجعلون هذه الآيةَ مفسِّرَةً للمبهَم في قوله: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأن تلكَ حكايةُ ما خوطبَ به اليهودُ في التوراة، وهذه خطاب للمسلمين، وما فرض عليهم فيها، واستثنى مالك فقال: إلا أن يقتلَ المسلمُ الكافرُ غيلةً، فيُقتلُ به، وأبو حنيفة ﵁ يقتلُ الحرُّ بالعبدِ، والمؤمنَ بالكافر، يجعلُ (١) هذه الآية منسوخَةً بقوله: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾، وبدليل ما رُوي: "المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دِمَاؤُهُمْ" (٢)، ولأنَّ التفاضُلَ في الأنفسِ (٣) غيرُ معتبَرٍ؛ بدليلِ قتلِ الجماعةِ بالواحدِ بالاتفاق، واتفقوا على أنه يُقْتل الذكرُ بالأنثى، وعكسُه، والصغيرُ بالكبير، والصحيحُ بالأعمى، وبالزَّمِنِ، وبناقِصِ الأطرافِ، وبالمجنونِ.
ونقل الزمخشريُّ في "كَشَافِه" أنَّ مذهبَ مالكٍ والشافعي لا يقتل الذكرُ بالأنثى؛ أخذًا بهذه الآية (٤)، وهو وهمٌ؛ فإن مذهبَهما يُقْتَلُ الذكرُ بالأنثى، وعكسُه، وقد صرَّحَ بذلك علماءُ المذهبَيْنِ في كتبهِم المبسوطاتِ والمختصراتِ.
﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾ أي: تُرِكَ له، وصُفِحَ عنهُ من الواجِبِ عليه،

(١) في "ن": "ويجعل".
(٢) رواه أبو داود (٢٧٥١)، كتاب: الجهاد، باب: في السرية ترد على أهل العسكر، وابن ماجه (٢٦٨٥)، كتاب: الديات، باب: المسلمون تتكافأ دماؤهم، وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄.
(٣) في "ت": "النفس".
(٤) انظر: "الكشاف" للزمخشري (١/ ٢٤٦).

1 / 248