La Conquista Árabe de Egipto
فتح العرب لمصر
Géneros
6
على حين كان الملكانيون يتبعون المذهب الذي أقره مجلس «خلقيدونية»، وكان أكثرهم من أصل إغريقي أو أوروبي. ونجد إجماعا من المؤرخين، وفيهم «ساويرس الأشمونيني»، على أنه ما ولي إمبراطور إلا سار على سنة القضاء على مذهب اليعاقبة في مصر قضاء لا هوادة ولا رحمة، وكان اليعاقبة لا يرضون إلا بأن يمحوا كل أثر من آثار مذهب «خلقيدونية».
وقد سبق ذكر مقتل البطريق الملكاني «تيودور» عند فتح «نيقتاس» للإسكندرية سنة 609؛ فقد
7
كانت ثورة «هرقل» ثورة على السلطان الإمبراطوري في القسطنطينية، وكان القبط باشتراكهم فيها يؤملون بلا شك أن يجدوا في الحكم الجديد سيرا أرفق بهم مما كانوا يجدونه من عسف «فوكاس». والحق أنهم لم يشعروا بخيبة بالغة في أول الأمر؛ فإن البطريق القبطي «أنستاسيوس» بقي على كرسيه ست سنوات بعد خمس قضاها في مدة الثورة، حتى توفي في 22 كيهك (أي 18 ديسمبر) من سنة 616 للميلاد.
8
واستطاع الأقباط عند ذلك أن يبنوا في الإسكندرية بعض الكنائس، أو يعيدوا بناء أخرى مثل كنيسة «القديس ميخائيل»، وكنيسة «القديس أنجيلوس»، والقديسين «كزماس» و«دميان»، هذا عدا أديرة عدة. وكان «أنستاسيوس» ينصب القسوس ويعتمد المطارنة، ولكن لا ننسى مع ذلك أن الملكانيين كانوا لا يزالون محتفظين بسلطانهم في العاصمة، ولهم أكبر الكنائس فيها.
وليس ثمة ما يدعو إلى الشك في أن هرقل كان حريصا كل الحرص على أن يستميل قلوب أقباط مصر، وكان «نيقتاس» في الوقت عينه يرى لزاما عليه أن يجزيهم على ما قدموه من خدمة؛ فإذا كانت حكومة بيزنطة قد أقامت بطريقا ملكانيا بدلا من «تيودور» القتيل، فإنها اختارته رجلا أوصى به «نيقتاس» إيصاء خاصا، وكانت حياته الماضية وخلقه بحيث جعلاه موضع إعجاب اليعاقبة، حتى بجلوه في حياته، وعظموه بعد مماته؛ إذ اتخذوه أحد القديسين الذين تخلد أسماؤهم في التقويم القبطي. ومن العجيب أن «نيقتاس» جاء بعد ذلك فساعد مساعدة كبرى في التوفيق بين «المونوفيسيين» من أهل الشام وبين الكنيسة القبطية. وهذا يدل على أنه كان يميل للأقباط ويعطف عليهم، وأنه لم يكتف بأن يسلك معهم مسلك الاعتدال والتسامح.
9
وكان المطران الأكبر الملكاني الذي عين حديثا هو «حنا الرحوم» أو هو المحسن. وقد أطلق عليه ذلك اللقب لما كان يأتيه من أعمال البر والإحسان،
Página desconocida