لَهُ ظِلًّا وَسِرُّهُ أَنَّهُ يَحْضُرُ بِذَاتِ رُوحِهِ لَا بِذَاتِهِ التُّرَابِيَّةِ وَذَاتُ الرُّوحِ خَفِيفَةٌ لَا ثَقِيلَةٌ وَشَفَّافَةٌ لَا كَثِيفَةٌ قَالَ وَالْأَمْوَاتُ الْحَاضِرُونَ فِي الدِّيوَانِ يَنْزِلُونَ إلَيْهِ مِنْ الْبَرْزَخِ يَطِيرُونَ بِطَيَرَانِ الرُّوحِ فَإِذَا قَرُبُوا مِنْ مَوْضِعِ الدِّيوَانِ نَزَلُوا إلَى الْأَرْض وَمَشَوْا عَلَى أَرْجُلِهِمْ إلَى أَنْ يَصِلُوا إلَى الدِّيوَانِ تَأَدُّبًا مَعَ الْأَحْيَاءِ وَخَوْفًا مِنْهُمْ.
قَالَ وَفِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ يَحْضُرُهُ النَّبِيُّ ﷺ قَالَ وَفِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ يَحْضُرُهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُرْسَلُونَ وَالْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - وَيَحْضُرُهُ فِيهَا سَيِّدُ الْوُجُودِ ﷺ وَأَزْوَاجُهُ الطَّاهِرَاتُ وَأَكَابِرُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ السَّلَامِ فِي هِدَايَةِ الْمُرِيدِ: قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ اللَّهُ تَعَالَى جُمْلَةً أَجْزَاءَ الشَّهِيدِ وَيُحْيِيهَا فَتَنْعَمُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحَيَاةُ لِلرُّوحِ لَا لِلْجَسَدِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى الْجُزُولِيُّ: إنَّ حَيَاةَ الشُّهَدَاءِ حَيَاةٌ غَيْرُ مُكَيَّفَةٍ وَلَا مَعْقُولَةٍ لِلْبَشَرِ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا عَلَى مَا جَاءَ بِهِ ظَاهِرُ الشَّرْعِ وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْ الْخَوْضِ فِي كَيْفِيَّتِهَا إذْ لَا طَرِيقَ لِلْعِلْمِ بِهَا إلَّا مِنْ الْخَبَرِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهَا شَيْءٌ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ اهـ.
وَنَحْوُهُ قَوْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا فِي حَوَاشِي الْبَيْضَاوِيِّ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ حَيَاةَ الشُّهَدَاءِ لَيْسَتْ بِالْجَسَدِ.
وَقَالَ ابْنُ عَادِلٍ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ حَيَاتَهُمْ بِالْجَسَدِ وَإِنْ لَمْ نُشَاهِدْ الْجَسَدَ حَيًّا، فَإِنَّ حَيَاةَ الرُّوحِ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِ الْأَمْوَاتِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ حَيَاةُ الشُّهَدَاءِ إلَّا بِهَا لَاسْتَوَوْا هُمْ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى.
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ إلَى مَا قَالَهُ الْجُزُولِيُّ ثُمَّ قَالَ الْخَامِسُ: قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّ نَبِيَّنَا ﷺ حَيٌّ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَأَنَّهُ يُسَرُّ بِطَاعَاتِ أُمَّتِهِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يَبْلُونَ مَعَ أَنَّا نَعْتَقِدُ ثُبُوتَ الْإِدْرَاكَاتِ كَالْعِلْمِ وَالسَّمْعِ لِسَائِرِ الْمَوْتَى وَنَقْطَعُ بِعَوْدِ حَيَاةِ كُلِّ مَيِّتٍ فِي قَبْرِهِ وَبِنَعِيمِ الْقَبْرِ وَعَذَابِهِ وَهُمَا مِنْ الْأَعْرَاضِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْحَيَاةِ لَكِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْبِنْيَةِ وَأَمَّا أَدِلَّةُ الْحَيَاةِ فِي الْأَنْبِيَاءِ فَمُقْتَضَاهَا أَنَّهَا مَعَ الْبِنْيَةِ وَقُوَّةِ النُّفُوذِ فِي الْعَالَمِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْعَوَائِدِ الدُّنْيَوِيَّةِ.
وَمِنْ هُنَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - النَّبِيُّ ﷺ فِي حُكْمِ الرِّسَالَةِ الْآنَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَ أَصْلِ الشَّيْءِ فَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ الْآنَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَدُلُّ عَلَى مَا كَانَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي السَّمَوَاتِ هَلْ هِيَ دَائِرَةٌ بِالْأَرْضِ أَمْ لَا؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَسَبَقَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ أَنَّهَا مَقْبُوَّةٌ عَلَى الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ دَائِرَةً بِهَا وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
1 / 21