مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَذْكَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ ﷺ وَاتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِ دُونَ الْأَغْبِيَاءِ الْجَاهِلِينَ نَقَلَهُ الْحَطَّابُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
(وَسُئِلَ) الْبُلْقِينِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ يَذْكُرُونَ وَفِي الْأَثْنَاءِ يَقُولُونَ مُحَمَّدٌ مُحَمَّدٌ وَيُكَرِّرُونَ الِاسْمَ الشَّرِيفَ وَفِي آخِرِهِ يَقُولُونَ مُحَمَّدٌ مُكَرَّمٌ مُعَظَّمٌ فَهَلْ ذَلِكَ ذِكْرٌ يُؤْجَرُونَ عَلَيْهِ وَهَلْ فِيهِ إسَاءَةُ أَدَبٍ وَهَلْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ؟
(فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ) لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ آيَةٌ وَلَا خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَلَا أَثَرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَلَا عَنْ التَّابِعِينَ وَلَا عَنْ الْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ وَلَا ذَلِكَ مِنْ الْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ وَلَا يُؤْجَرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُبْتَدِعُونَ شَيْئًا قَدْ يَقَعُونَ فِي إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مُحَمَّدٌ مُمَجَّدٌ مُعَظَّمٌ فَهَذَا لَيْسَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ إخْبَارٌ بِالْوَاقِعِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ مَطْلُوبًا وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا﴾ [النور: ٦٣] وقَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ﴾ [الحجرات: ٢] وَمَا طَلَبَهُ مِنْ الْأَدَبِ مِنْهُمْ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ يَقْتَضِي النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ اهـ.
قَالَ الْحَطَّابُ قَوْلُهُ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ مُحَمَّدٌ مُمَجَّدٌ مُكَرَّمٌ مُعَظَّمٌ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ تَكْرِيرِ الِاسْمِ الشَّرِيفِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْعَامَّةِ صَلُّوا عَلَى مُحَمَّدٍ اهـ.
[تَفْضِيل الْقُرْآن عَلَى التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ]
(وَسُئِلَ) الْحَافِظُ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْمَقْدِسِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ قَوْمٍ تَجَادَلُوا وَقَالُوا إنَّ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ أَفْضَلُ مِنْهَا فَمَا مَعْنَى ذَلِكَ وَالْكُلُّ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى؟
(فَأَجَابَ) بِأَنْ قَالَ أَمَّا الْكَلَامُ الْقَدِيمُ فَوَاحِدٌ لَا يَتَعَدَّدُ وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي الْعِبَارَاتِ عَنْهُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ الْعِبَارَةَ عَنْ الْحُكْمِ الرَّافِعِ تَتَّصِفُ بِالْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى الْعِبَارَةِ عَنْ الْحُكْمِ الْمَرْفُوعِ قَدْ وَرَدَتْ الْأَخْبَارُ بِتَفْضِيلِ بَعْضِ الْآيِ مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى بَعْضٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّ آيَاتِ الصِّفَاتِ أَعْظَمُ مِنْ آيَاتِ الْأَحْكَامِ وَالْقَصَصِ كَمَا قَالَ ﵊ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ حِينَ قَالَ أَيُّمَا آيَةٍ أَعْظَمُ فِي الْقُرْآنِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ وَوَرَدَ فِي ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١] أَنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ الَّذِي يُعْطِيه اللَّهُ عَلَى بَعْضِ الْآيِ أَكْثَرَ فَهِيَ ثُلُثٌ فِي الْفَضِيلَةِ عَلَى أَنَّ الْكُتُبَ الْمَنْسُوخَةَ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِيهَا فَكَيْفَ لَا يَكُونُ مَا تَجِبُ تِلَاوَةٌ وَيُثَابُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْهَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ اهـ مِنْ الْمِعْيَارِ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ مَسَافَةُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ هَلْ ذَلِكَ عَنْ نَصٍّ صَرِيحٍ وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَهَلْ الْمَرْئِيُّ لَنَا حَقِيقَةُ تِلْكَ السَّمَاءِ مَعَ بُعْدِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ أَمْ شَيْءٌ آخَرُ وَهَلْ سَمَاءُ الدُّنْيَا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَعَلَى أَيِّ لَوْنٍ؟ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
1 / 15