Fath Bab Cinaya
فتح باب العناية بشرح النقاية
Investigador
محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم
Editorial
دار الأرقم بن أبي الأرقم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
وعَصَبُها طاهِرٌ. وكذا الإِنسانُ.
===
(وعَصَبُها) إذا يَبِسَ وذهَبَ لَحْمُهُ، وكذا ظِلْفُها (^١) وحافِرُها وقَرْنُها (طاهِرٌ) وكذا لَبَنُها وبَيْضُها عند أبي حنيفة، إذا لم يكن على هذه الأشياءِ دُسومَةٌ، وبه قال مالك.
وقال الشافعي: كلُّ ذلك نَجِسٌ إلحاقًا للجُزْءِ بالكلِّ، ولِمَا تقدَّمَ (^٢) من حديثِ ابن عُكَيم: «لا تَنْتَفِعُوا من الميتة بإهابٍ ولا عَصَب».
ولنا ما علَّقه البخاريُّ عن الزهريِّ: قال في عِظام المَوْتَى نحوِ الفِيل وغيرِه: أدركتُ ناسًا مِنْ سَلَفِ العُلَماء يَمْتَشِطُون بها، ويَدَّهِنُون فيها، لا يَرَوْن به بأسًا. وتقدَّمَ حديثُ أنس مرفوعًا عن البيهقي (^٣) . وأخرج الدارقطنيُّ عن عبد الجبَّار بن مُسْلم من حديثِ ابن عباس قال: إنما حرَّمَ رسولُ الله ﷺ من الميتةِ لحمَها، أمَّا الجِلْدُ والصُّوفُ والشَّعْرُ فلا بأس به. فإن قيل: عبدُ الجبَّار ضعَّفه الدارقطنيُّ؟ فالجواب أنَّ ابن حِبَّان وثَّقَه، فلا يَنْزِلُ حديثُه عن الحَسَن. وأخرَجَ أيضًا عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن قال: سمعتُ أمَّ سَلَمة زوجَ النبي ﷺ تقولُ: سمعتُ النبي ﷺ يقول: «لا بأسَ بمَسْكِ الميتةِ إذا دُبِغَ، ولا بأسَ بصُوفِها وشَعرِها وقُرونِها إذا غُسِلَ بالماء». فهذه عِدَّةُ أحاديثَ ولو كانتُ ضعيفةً حَسُنَ المتْنُ، فكيف ولها شاهدٌ في «الصحيحين»؟ (^٤) .
(وكذا الإِنسان) شعْرُهُ وعَظْمُه وعصَبُه: طاهِرٌ، لأنَّ هذه الأشياء لا تحلُّها الحياةُ لعدَمِ الحِسِّ الذي هو من خصائِصها، فلا تكون بانفصالها ميتة، ولأنه ﷺ ناوَلَ شعرَهُ أَبا طلحة فقسَمَه بين الناس (^٥) . أمَّا لو نَتَفَ الشعرَ فيَنْجُس باعتبار طَرَفِه المُتَّصل بالجلدِ، وقيل: عَصَبُها نَجِسٌ في الصحيح، لأنَّ فيه حياةً بدليل تألُّمِه بالقطع، وقيل: طاهِرٌ لأنه غيرُ متَّصل.
(^١) الظِّلْف: للبقرة والشاة والظبي، كالحافر لغيرها. مختار الصحاح ص ١٧٠، مادة (ظلف). (^٢) ص ٩١. (^٣) ص ٩٣، ولفظه: أن النبي ﷺ كان يُمتشط بمشط من عاج. (^٤) تقدّم صفحة ٩١ عن ابن عباس. (^٥) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، ٢/ ٩٤٨، باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمي … (٥٦)، رقم (٣٢٥ - ١٣٠٥)، بلفظ: لمّا رمى رسول الله ﷺ الجمرة ونحر نُسُكَه، وحَلَقَ، ناول الحالق شِقه الأيمن فحلقه، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري، فأعطاه إياه، ثم ناوله الشقَّ الأيسر فقال: "احلق"، فحلق، فأعطاه أبا طلحة فقال: "اقسمه بين الناس".
1 / 94