Fath Bab Cinaya
فتح باب العناية بشرح النقاية
Investigador
محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم
Editorial
دار الأرقم بن أبي الأرقم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1418 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
والعِيدينِ والإِحْرَامِ وعَرَفة.
===
وفقهاءِ الأمصار في الأعصار (^١)، وهو المعروفُ من مذهبِ مالكٍ وأصحابهِ الأبرار.
وقيل: إنه قال بوجوبه لظاهر قولهِ ﵊: «الغُسْلُ يومَ الجمعةِ واجبٌ على كلّ محتلِمٍ» أي بالغٍ، رواه مسلمٌ عن أبي سعيد الخُدْري.
وأجابوا عنه بأنَّ معنى واجب: متأكِّدٌ لازمٌ ثابت، جمعًا بين الحديثين. وقيل الأوَّلُ ناسخٌ للحديث الثاني، والدليلُ على تأخُّرِهِ ما رواه أبو داود: عن عِكْرِمة أن أُناسًا من أهلِ العراق جاؤا فقالوا لابن عباس: أتَرَى الغُسْلَ واجبًا يوم الجمعة فقال: لا، ولكنه أطهرُ وخيرٌ لمن اغتَسَل، ومن لم يَغْتَسِل فليس عليه بواجب، وسأُخبِرُكم كيف بَدْءُ الغُسْلِ؟: كان الناسُ مجهودِين يَلْبَسُون الصُّوفَ ويَعملون على ظهورهم، وكان مسجدُهم ضيِّقًا مُقارِبَ السَّقْف إنما هو عَرِيش، فخرج النبي ﷺ في يوم حارّ وعَرِقَ الناسُ في ذلك الصُّوف (^٢) حتى ثارَتْ منهم رِياحٌ آذَى بذلك بعضُهم بعضًا، فلمَّا وجَدَ النبي ﷺ تلك الرياحَ قال: «يا أَيُّها الناس إذا كان هذا اليومُ اغتَسِلوا، وليَمَسَّ أحدُكم أمثَلَ ما يَجِدُ مِنْ دُهنِه وطِيبه». قال ابنُ عَبَّاس: ثم جاء اللهُ بالخير، ولَبِسُوا غيرَ الصُّوف، وكُفُوا العَمَل، ووُسِّعَ مَسجِدُهم، وذهَبَ بعضُ الذي كان يُؤذي بعضُهم بعضًا من العَرَق.
ثم هذا الغُسْلُ لليوم عند الحسن بن زياد، وللصلاةِ عند أبي يوسف وهو الأصحُّ، لقوله ﵊: «إذا جاء أحدُكُم الجمعةَ فليغتَسِلْ». رواه الشيخانِ عن ابن عُمَر.
(والعِيدينِ والإِحرامِ وعَرَفة) أمَّا العِيدانِ وعرفة فلِمَا رَوَى ابنُ ماجه في «سننه» والطبرانيُّ في «معجمه» عن ابن عباس: أنه ﵊ كان يَغتسِلُ يومَ العيدين. والبزَّارُ في «مسنده» من حديث الفاكِهِ بن سَعْد - وهو صحابي مشهور، ولا يُعرَفُ له غيرُ هذا الحديث ـ: «أنَّ رسول الله ﷺ كان يغتَسِلُ يومَ الفِطرِ ويومَ النَّحْر ويومَ عَرَفة».
وأمَّا الإِحرامُ فلِمَا روى الترمذي والدارقطني عن خارجة بنِ زيد بن ثابت عن أبيه: «أنه ﷺ تجرَّدَ لإِهلالِهِ واغتَسَل»، والمعنى أنه كان يَتَجرَّدُ لإِحرامِه ويَغتَسِلُ سواء كان حَجًّا أو عُمرة، فيُفيد المواظبةَ الدالةَ على كونِه سُنَّة.
_________
(^١) قوله: "في الأعصار" زيادة من المخطوطة لم ترد في المطبوعة.
(^٢) في المطبوعة والمخطوطة: "في تلك الصوف"، والتصحيح من الجزء الذي حققه الشيخ عبد الفتاح أَبو غُدة رحمه الله تعالى ص ١٠٠.
1 / 80