طبقة الأشراف: وهم أرباب الأموال والمناصب، ومنهم حكام الولايات، وحكام المدن، وأصحاب العقارات، وغيرهم. (2)
رجال الأكليروس. (3)
طبقة المستخدمين: وهم رجال البلاط وموظفو الحكومة. (4)
أهل الحرف: وهم من أواسط الناس وسكان المدن. (5)
الخدم والعبيد: وهم كل ما بقي من أهل المملكة، وهؤلاء هم القسم الأكبر، ومنهم الفلاحون وخدمة المنازل ومعظم رجال الحرب.
فإذا شئنا أن ننهض لاسترداد الحكم من هذا الرجل فلا بد لنا من الاستعانة ببعض هذه الطبقات. فلنبحث في أيها أقرب إلينا.
فالأشراف إما رومانيو الأصل أو قوطيون، فالرومان طبعا ضدنا، وقد بينت لك حال القوط، فهم قد أضاعوا قوتهم في مذهبهم الجديد. فالأشراف لا فائدة لنا فيهم وكذلك أهل البلاط، أما الأكليروس فأنت تعلم أنهم علة هذا التغيير. وأهل الحرف بالنظر إلى إقامتهم الطويلة في المدن، قد أضاعوا الحماسة اللازمة للقيام بمثل هذا الانقلاب، وزد على ذلك أن كلا منهم منصرف إلى عمله وتجارته ويخاف ضياع أمواله القليلة؛ إذ لا يخفى عليك أن بلاد أوروبا كلها تقريبا مؤلفة من المدن والحقول، فأهل المدن لا يكادون يهتمون بما هو خارج حدود مدنهم، وكل مدينة تهتم بنفسها، ونحن لا يكفينا الاستعانة بأهل مدينة واحدة؛ لأن رودريك صاحب جنود وأعوان، يستنجد علينا بحكامه في الولايات فتذهب جهودنا عبثا.
بقي علينا النظر في الطبقة الأخيرة من هذا الشعب، وهي طبقة الخدم والعبيد، فهؤلاء هم الجانب الأكبر ولا تستغني عنهم سائر الطبقات، ومع ذلك فإنهم مستبدون بهم استبدادا عظيما، ولا يخفى عليك أن معظم هؤلاء العبيد إنما دخلوا في الرق على أثر الحروب، وهم رجال أشداء ولا سيما بعد أن تعودوا العمل، وعانوا الشقاء لاشتغالهم في الحقول، فإن عقارات الأشراف وبيوتهم وأموالهم كلها في قبضة هؤلاء العبيد، ومع ذلك فإنهم مظلومون يقاسون من أسيادهم عذاب الذل، وناهيك بعذاب الرق، وأنت تعلم أن هؤلاء الأرقاء لا ينقصون عن أسيادهم من حيث المواهب الطبيعية، ولكنهم تعودوا الخضوع لهم والخوف من أصواتهم حتى أصبحوا أطوع لهم من ظلهم، فكل ما للعبد فهو لسيده، لا يستطيع أن يعمل عملا إلا بأمره، حتى الزواج. وكل ما اكتسبه العبد بالقصد أو بالاتفاق أو بالتجارة أو بالحرب - حتى الأولاد الذين يولدون له - فإنها كلها لسيده، وله أن يبيع العبد أو أمتعته أو أولاده بدون معارضة.
على أن أولئك الأسياد قد ينعمون على بعض عبيدهم بالحرية مكافأة لهم على عمل عظيم قاموا به، غير أن هذه الحرية قلما تتميز عن الاستعباد، فإن العبد ولو عتق فإنه يظل تحت أمر سيده، فإن عمل عملا فلسيده نصف ما يكسبه من ذلك العمل، وإن أراد أن ينتقل من خدمته وجب عليه أن يرد له كل ما معه من الأسلحة أو الأثاث، ولا يعد ذلك العبد من زمرة الأحرار الأصليين إلا في الجيل الرابع من أولاده. والخلاصة فإني لا أطيل عليك الكلام لأنك تعلم كثيرا من أفعال هؤلاء الأرقاء، ولكنك قلما فكرت فيما يقاسونه من الغبن والظلم، وربما لم يخطر لك على بال أنهم من جبلة مثل جبلتنا، فقد شببت وأنت تراهم على هذا الحال.»
الوسيلة
Página desconocida