La gloriosa victoria de Dios en la explicación del libro de la unidad
فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد
Géneros
6- وأما حقيقتها: فحقيقة الشيء ماهيته وأصله وما أسس عليه بنيانه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، لوفد الأزد لما قالوا إنا مؤمنون: "ما حقيقة إيمانكم" فذكروا ما تركب منه إيمانهم وأسس عليه قواعده وهو خمسة عشر خصلة، قالوا: خمس أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا رسلك أن نفعلها وخمس كنا في الجاهلية عليها، وقد مضى ذكره وكذلك قول عمر -رضي الله عنه- لحذيفة لما قال: أصبحت مؤمنا، قال: "وما حقيقة إيمانك؟ " قال: كأني أنظر إلى عرش الرحمن وأهل النار سيصلون فيها3. فعلى هذا حقيقة لا إله إلا الله التي تركبت منها، وأسس قواعدها عليها النفي والإثبات، ونفي الألوهية عما سوى الله تعالى وإثباتها لله وحده لا شريك له، وأساس قواعدها # الحب والبغض والموالاة والمعاداة على ذلك، قال تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية في عقبه} . [الزخرف: 26-28] . يعني بالكلمة لا إله إلا الله فبين الله أن أساسها البراء والموالاة في ذات الله تعالى وهو المبغي من العباد كما قال تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} . [الممتحنة: 4] . فبين الله تعالى صريحا أن البراء والولاية من الإيمان بالله وحده وبه يتم الإيمان.
7- وأما لازمها: فالتقوى والإخلاص وطيب القول والعمل لإضافتها إلى ذلك، قال الله تعالى: {وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها} . [الفتح: 26] . وقال تعالى: {كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} . [إبراهيم: 24] . فكما أن الشجرة الطيبة لا تثمر إلا بما هو طيب فكذلك لا إله إلا الله لا تثمر إلا بكل وقول وعمل طيب، فإن قلت: اللازم ما لا ينفك من الملزوم كلزومية الحرارة للنار وكثيرا ما نرى أن قائلها ليس معه تقوى ولا إخلاص ولا طيب القول والعمل، قلت: لا إله إلا الله من لوازمها التقوى والإخلاص وطيب القول والعمل ولكن القائل الذي يشير إليه ما قالها على الوجه المبغي منه أي لم يأت بها على حقيقتها ولا ابتغاء وجه الله تعالى، فلذا ما يوفق على لوازمها، أما ترى أن الله ذكر في كلامه المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وكثيرا ما نرى المصلي مقيما على الفحشاء والمنكر، قيل في تفسيرها: أن الذي ما نهته الصلاة عن الفحشاء والمنكر ما صلى على الوجه المرضي المبغي منه في الشرع، فمن أجل # ذلك ما وفق على ترك الفحشاء والمنكر.
Página 124