Fath Al-Qawiyy Al-Mateen
فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله
Editorial
دار ابن القيم
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م
Ubicación del editor
الدمام المملكة العربية السعودية
Géneros
والجنُّ ليس فيهم رسُل، بل فيهم النُّذُر، كما قال الله ﷿: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَنْ لا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾، فلم يذكروا رسلًا منهم، ولا كتبًا أنزلت عليهم، وإنَّما ذكروا الكتابين المنزلين على موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ولم يأت ذكر الإنجيل مع أنَّه منَزَّلٌ من بعد موسى؛ وذلك أنَّ كثيرًا من الأحكام التي في الإنجيل قد جاءت في التوراة، قال ابن كثير في تفسير هذه الآيات: "ولم يذكروا عيسى؛ لأنَّ عيسى ﵇ أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم، وهو في الحقيقة كالمتمِّم لشريعة التوراة، فالعمدة هو التوراة، فلهذا قالوا: ﴿أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى﴾
والرسلُ هم المكلَّفون بإبلاغ شرائع أنزلت عليهم، كما قال الله ﷿: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾ والكتاب اسم جنس يُراد به الكتب، والأنبياء هم الذين أوحي إليهم بأن يُبلِّغوا شريعة سابقة، كما قال الله ﷿: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾ الآية، وقد قام الرسل والأنبياء بتبليغ ما أُمروا بتبليغه على التمام والكمال، كما قال الله ﷿: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾، وقال: ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى
1 / 23