Fath al-Qadir Sharh al-Hidayah
فتح القدير شرح الهداية
Editorial
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1389 AH
Ubicación del editor
مصر
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
وَحُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ ﵀ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ وَلَيْسَ الْكَلْبُ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ يُنْتَفَعُ
ــ
[فتح القدير]
وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَوْ أَصْلَحَ مَصَارِينَ شَاةٍ مَيِّتَةٍ أَوْ دَبَغَ الْمَثَانَةَ وَأَصْلَحَهَا طَهُرَتْ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هِيَ كَاللَّحْمِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى جِلْدَ الْخِنْزِيرِ وَالْآدَمِيِّ فَيَدْخُلُ جِلْدُ الْفِيلِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي قَوْلٍ إنَّ الْفِيلَ نَجِسُ الْعَيْنِ. وَعِنْدَهُمَا هُوَ كَسَائِرِ السِّبَاعِ، وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ عَنْهُ ﷺ «أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَهُوَ كَمَا تَرَاهُ عَامٌّ، فَإِخْرَاجُ الْخِنْزِيرِ مِنْهُ لِمُعَارَضَةِ الْكِتَابِ إيَّاهُ فِيهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾ [الأنعام: ١٤٥] بِنَاءً عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِعَوْدِهِ، وَعِنْدَ صَلَاحِيَّةِ كُلٍّ مِنْ الْمُتَضَايِفَيْنِ لِذَلِكَ يَجُوزُ كُلٌّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ.
وَقَدْ جُوِّزَ عَوْدُ ضَمِيرِ مِيثَاقِهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ [البقرة: ٢٧] إلَى كُلٍّ مِنْ الْعَهْدِ وَلَفْظِ الْجَلَالَةِ، وَتَعَيَّنَ عَوْدُهُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ [النحل: ١١٤] ضَرُورَةُ صِحَّةِ الْكَلَامِ وَإِلَى الْمُضَافِ فِي قَوْلِك رَأَيْت ابْنَ زَيْدٍ فَكَلَّمْته لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ بِالرُّؤْيَةِ، رَتَّبَ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَنْهُ الْحَدِيثَ الثَّانِي فَتَعَيَّنَ هُوَ مُرَادًا بِهِ وَإِلَّا اخْتَلَّ النَّظْمُ، وَإِذَا جَازَ كُلٌّ مِنْهُمَا لُغَةً، وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ احْتِيَاطٍ وَجَبَ إعَادَتُهُ عَلَى مَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ، وَهُوَ بِمَا قُلْنَا.
وَأَمَّا جِلْدُ الْآدَمِيِّ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا كَرَامَتُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَحُرْمَةُ الِانْتِفَاعِ بِأَجْزَاءِ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَقَامٌ آخَرُ غَيْرُ طَهَارَتِهِ بِالدِّبَاغِ وَعَدَمِهَا فَلِذَا صَرَّحَ فِي الْعِنَايَةِ بِأَنَّهُ إذَا دُبِغَ جِلْدُ الْآدَمِيِّ طَهُرَ لَكِنْ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَسَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَبَقِيَ جِلْدُ الْكَلْبِ دَاخِلًا فِي الْعُمُومِ إذْ نَجَاسَةُ سُؤْرِهِ لَا تَسْتَلْزِمُ نَجَاسَةَ عَيْنِهِ بَلْ نَجَاسَةُ لَحْمِهِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْهُ اللُّعَابُ فَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ،
1 / 93