107

Fath al-Qadir Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Editorial

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1389 AH

Ubicación del editor

مصر

الْمُعْتَبَرُ فِي الْبَابِ.
(وَسُؤْرُ الْهِرَّةِ طَاهِرٌ مَكْرُوهٌ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ «النَّبِيَّ ﵊ كَانَ يُصْغِي لَهَا الْإِنَاءَ فَتَشْرَبُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ بِهِ» . وَلَهُمَا قَوْلُهُ ﵊ «الْهِرَّةُ سَبُعٌ» وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْحُكْمِ دُونَ الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ، إلَّا أَنَّهُ سَقَطَتْ النَّجَاسَةُ لِعِلَّةِ الطَّوْفِ فَبَقِيَتْ الْكَرَاهَةُ. وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ،
ــ
[فتح القدير]
قَوْلَهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصْغِي لَهَا الْإِنَاءَ) رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْت أَتَوَضَّأُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ قَدْ أَصَابَتْ مِنْهُ الْهِرَّةُ قَبْلَ ذَلِكَ» قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَحَارِثَةُ لَا بَأْسَ بِهِ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِلَفْظِ الْكِتَابِ مِنْ طَرِيقَيْنِ فِي إحْدَاهُمَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، وَضَعَّفَهَا بِعَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَضَعَّفَ الثَّانِيَةَ بِالْوَاقِدِيِّ، وَقَالَ فِي الْإِمَامِ: جَمَعَ شَيْخُنَا أَبُو الْفَتْحِ الْحَافِظُ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ الْمَغَازِي وَالسَّيْرِ وَمَنْ ضَعَّفَهُ وَمَنْ وَثَّقَهُ وَرَجَّحَ تَوْثِيقَهُ وَذَكَرَ الْأَجْوِبَةَ عَمَّا قِيلَ فِيهِ، وَعَنْ «كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ تَشْرَبُ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ، قَالَتْ كَبْشَةُ، فَرَآنِي أَنْظُرُ إلَيْهِ، فَقَالَ أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي، فَقُلْتُ نَعَمْ، فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ قَوْلُهُ ﵊ «الْهِرَّةُ سَبُعٌ») رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» وَصَحَّحَهُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِقِصَّةٍ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْتِي دَارَ قَوْمٍ مِنْ الْأَنْصَارِ دُونَهُمْ دَارٌ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْتِي دَارَ فُلَانٍ وَلَا تَأْتِي دَارَنَا؟ فَقَالَ: لِأَنَّ فِي دَارِكُمْ كَلْبًا، قَالُوا: فَإِنَّ فِي دَارِهِمْ سِنَّوْرًا، فَقَالَ ﷺ: السِّنَّوْرُ سَبُعٌ» وَفِي السَّنَدَيْنِ عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ بِنَاءً عَلَى تَوْثِيقِهِ، قَالَ: لَمْ يُجْرَحْ قَطُّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ لِلْمَطْلُوبِ النِّزَاعِيِّ حَاجَةٌ إلَى هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ النِّزَاعَ لَيْسَ فِي النَّجَاسَاتِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى سُقُوطِهَا بَعْلَةِ الطَّوَافِ الْمَنْصُوصَةِ فِي قَوْلِهِ «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» يَعْنِي أَنَّهَا تَدْخُلُ الْمَضَايِقَ وَلَازِمُهُ شِدَّةُ الْمُخَالَطَةِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ صَوْنُ الْأَوَانِي مِنْهَا بَلْ النَّفْسُ وَالضَّرُورَةُ اللَّازِمَةُ مِنْ ذَلِكَ أَسْقَطَتْ النَّجَاسَةَ، كَمَا أَنَّهُ ﷾ أَوْجَبَ الِاسْتِئْذَانَ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَمْلُوكِينَ ﴿وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ﴾ [النور: ٥٨] . أَيْ عَنْ أَهْلِهِمْ فِي تَمْكِينِهِمْ مِنْ الدُّخُولِ فِي غَيْرِ الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلطَّوْفِ الْمُفَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى عَقِيبَهُ ﴿طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النور: ٥٨] إنَّمَا الْكَلَامُ بَعْدَ هَذَا فِي ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ، فَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ كَمَا قَالَهُ الْبَعْضُ

1 / 111