Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة
Géneros
مناظرة إبراهيم لعباد الأصنام
اعتزل إبراهيم أباه وقومه وما يعبدون من دون الله سبحانه ﵎، ثم ناظر قومه، فلما رفضوا دينه ﵊ وخرجوا إلى عيدهم توجه إلى أصنامهم، وقد جعلوا طعامهم تحت هذه الأوثان، ليتبركوا بها بزعمهم، آملين أنهم سيرجعون فيأكلون هذا الطعام الذي وضعوه تحت أصنامهم.
وكان إبراهيم معتزلًا قومه، وحين دعوه لعيدهم قال: إني سقيم، لن أخرج معكم إلى العيد، ثم توجه إلى هذه الأصنام فخاطبها خطاب تهكم قائلًا: ألا تأكلون، مالكم لا تنطقون، وهو يعلم يقينًا أنها لا تنفع ولا تضر، ثم هوى بمعوله محطمًا لها قال تعالى: ﴿فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ﴾ [الصافات:٩٣]، فكسر أصنامهم جميعها إلا واحدًا، علق فأسه عليه.
وجاء القوم إلى أصنامهم، فقالوا كما أخبر الله عنهم: ﴿قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ * قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ * قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ﴾ [الأنبياء:٥٩ - ٦١]، فجاءوا بإبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ثم سألوه كما أخبر الله عنهم: ﴿قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ﴾ [الأنبياء:٦٢ - ٦٣].
وفي الآية تقديم وتأخير، والمعنى: إن كانوا ينطقون فهم يصنعون ذلك ويكون كبيرهم قد فعلها، وإن كانوا لا ينطقون فهم لا يفعلون شيئًا، فاعقلوا إن كنتم تعقلون.
ولم يكذب كذبًا صراحًا، وإنما عرض في الكلام.
فكانت إجابتهم حين عجزوا عن المحاجة استخدام القوة، قال تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ﴾ [الصافات:٩٧]، أي: اصنعوا له بنيانًا فيه النار ثم ألقوه فيه، وأرادوا إلقاء إبراهيم فيها، فنجاه الله سبحانه ﵎ بقوله: كن، فكانت بردًا وسلامًا على إبراهيم قال تعالى: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾ [الأنبياء:٦٩].
5 / 5