فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط ٤
فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط ٤
Editorial
دار العاصمة للنشر والتوزيع
Número de edición
الرابعة
Año de publicación
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
Ubicación del editor
صنعاء - اليمن
Géneros
الْمُشْرِكِينَ مِنْ مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ، وَلَمْ يَنْقُلْ التُّرَابَ، وَقَدْ أَخْبَرَ الله سُبْحَانَهُ عَنْ اللَّبَنِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ إذَا عُلِفَتْ بِالنَّجَاسَةِ، ثُمَّ حُبِسَتْ وَعُلِفَتْ بِالطَّاهِرَاتِ حَلَّ لَبَنُهَا وَلَحْمُهَا، وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ وَالثِّمَارُ إذَا سُقِيَتْ بِالْمَاءِ النَّجَسِ، ثُمَّ سُقِيَتْ بِالطَّاهِرِ حَلَّتْ لِاسْتِحَالَةِ وَصْفِ الْخُبْثِ وَتَبَدُّلِهِ بِالطَّيِّبِ، وَعَكْسُ هَذَا أَنَّ الطَّيِّبَ إذَا اسْتَحَالَ خَبِيثًا صَارَ نَجَسًا كَالْمَاءِ وَالطَّعَامِ إذَا اسْتَحَالَ بَوْلًا وَعَذِرَةً، فَكَيْفَ أَثَّرَتْ الِاسْتِحَالَةُ فِي انْقِلَابِ الطَّيِّبِ خَبِيثًا، وَلَمْ تُؤَثِّرْ فِي انْقِلَابِ الْخَبِيثِ طَيِّبًا؟
إلى أن قال: وَالْحُكْمُ تَابِعٌ لِلِاسْمِ وَالْوَصْفُ دَائِرٌ مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا. انتهى. (^١)
وقال ابن حزم ﵀ في «المحلَّى» (١٣٢): وَإِذَا أُحْرِقَتْ الْعَذِرَةُ، أوِ المَيْتَةُ، أو تَغَيَّرَتْ فَصَارَتْ رَمَادًا أو تُرَابًا، فَكُلُّ ذَلِكَ طَاهِرٌ، وَيُتَيَمَّمُ بِذَلِكَ التُّرَابِ، بُرْهَانُ ذَلِكَ: أَنَّ الأَحْكَامَ إنَّمَا هِيَ عَلَى مَا حَكَمَ الله تَعَالَى بِهَا فِيهِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الاِسْمُ الَّذِي بِهِ خَاطَبَنَا الله عَزَّوَجَلَّ، فَإِذَا سَقَطَ ذَلِكَ الاِسْمُ فَقَدْ سَقَطَ ذَلِكَ الْحُكْمُ، وَأَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي حَكَمَ الله تَعَالَى فِيهِ. وَالْعَذِرَةُ غَيْرُ التُّرَابِ وَغَيْرُ الرَّمَادِ، وَكَذَلِكَ الْخَمْرُ غَيْرُ الْخَلِّ، وَالإِنْسَانُ غَيْرُ الدَّمِ الَّذِي مِنْهُ خُلِقَ، وَالمَيْتَةُ غَيْرُ التُّرَابِ. اهـ
وقد رجَّح هذا القول الشوكاني في «الدراري»، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ، كما في «توضيح الأحكام» (١/ ١٧٢)، وهو الراجح، والله أعلم. (^٢)
(^١) وانظر: «بدائع الفوائد» (٣/ ١١٩ - ١٢٠).
(^٢) وانظر: «شرح المهذب» (٢/ ٥٧٩)، «المغني» (١/ ٩٧).
1 / 141