ما ينطق بل ما يعمل عملا من الهوى، إن هو إلا وحي يوحى من رب العالمين.
وأشهد أن تلك الودائع والاسرار ومواريث الأنبياء والرسل والأطهار يحتاج رسوله محمد (صلى الله عليه وآله) في حفظها ونقلها مع بقاء شريعته إلى من يكون مقطوعا سرا وجهرا على عصمته، ليؤمن على مستودعها من التعمد (1) لتضييع أمانته، ومن السهو والنسيان اللذين لا يدخلان تحت طاقته (2)، كيلا تنقطع فوائد رسالته، وتضيع ذخائر نبوته.
وبعد: فإنني وجدت العبد المؤدب والمملوك المهذب، يجتهد أن لا يقع منه شئ إلا بإذن مولاه ومالك نعمته، ليسلم بذلك من معاقبته أو معاتبته، وليكون ضمان درك أعمال العبد على مولاه الذي تابعه في إشارته، وكان معه في إرادته، ووجدت العمل بالمشاورة لله جل جلاله بالاستخارة قد دلني العقل والنقل عليها، كما سيأتي في أبواب هذا الكتاب من المعنى والعبارة، وأنها طريق إلى ضمان درك حركاتي وسكناتي بها على من وفقني لها، وعرفت أن الله جل جلاله العالم بالعواقب يدلني بالمشاورة له على عواقب المطالب، ويكشف لي عن مصالحي فيما أشاوره فيه من كل أمر، حاضر وغائب، ويؤمنني بذلك من الغلط في المسالك والمذاهب، فلو وجدت ذلك عند ملك مقرب روحاني، أو نبي أو وصي، أو تابع لهما بشري، أو منجم دنيوي، لعذرني على المشاورة له عقلاء المسلمين، بل ما كان يعذرني على ترك مشاورته أحد من الفاضلين، ولا أعلم كيف قال قوم واعتقدوا أن مشاورة الله جل جلاله - وهو أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، المحسن إلى
Página 112