86

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

سَوَاءٌ سَمَّوْهَا حِسِّيَّةً أَوْ عَقْلِيَّةً، كَمَا تَزْعُمُهُ الْفَلَاسِفَةُ الصَّابِئُونَ مِنْ تَوَلُّدِ الْعُقُولِ الْعَشَرَةِ وَالنُّفُوسِ الْفَلَكِيَّةِ التِّسْعَةِ الَّتِي هُمْ مُضْطَرِبُونَ فِيهَا، هَلْ هِيَ جَوَاهِرُ أَوْ أَعْرَاضٌ؟ وَقَدْ يَجْعَلُونَ الْعُقُولَ بِمَنْزِلَةِ الذُّكُورِ، وَالنُّفُوسَ بِمَنْزِلَةِ الْإِنَاثِ، وَيَجْعَلُونَ ذَلِكَ آبَاءَهُمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَآلِهَتَهُمْ وَأَرْبَابَهُمْ الْقَرِيبَةَ، وَعِلْمُهُمْ بِالنُّفُوسِ أَظْهَرُ لِوُجُودِ الْحَرَكَةِ الدَّوْرِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْحَرَكَةِ الْإِرَادِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّفْسِ الْمُحَرِّكَةِ، وَذَلِكَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ جَعَلُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٠٠] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ - وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ [الصافات: ١٥١ - ١٥٢] . وَكَانُوا يَقُولُونَ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، كَمَا يَزْعُمُ هَؤُلَاءِ أَنَّ النُّفُوسَ هِيَ الْمَلَائِكَةُ، وَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ عَنْ اللَّهِ، فَقَالَ تَعَالَى ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ﴾ [النحل: ٥٧] ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [النحل: ٥٨] ﴿يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل: ٥٩] ﴿لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [النحل: ٦٠] إلَى قَوْلِهِ ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ [النحل: ٦٢] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ - وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ [الزخرف: ١٦ - ١٧] ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: ١٨] ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: ١٩] . وَقَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى﴾ [النجم: ١٩]، إلَى قَوْلِهِ: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى﴾ [النجم: ٢١] ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ [النجم: ٢٢] أَيْ: جَائِرَةٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ.

1 / 133