Fatawa Kubra
الفتاوى الكبرى
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م
فَتَبَيَّنَ أَنَّ إدْخَالَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْقَدَرِ فِي غَايَةِ الْجَهَالَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ فِي الْآيَةِ الْمُرَادُ بِهَا الْمَسَار وَالْمَضَارُّ دُونَ الطَّاعَاتِ وَالْمَعَاصِي، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: ١٦٨] . وَهُوَ الشَّرُّ وَالْخَيْرُ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥]، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا﴾ [آل عمران: ١٢٠] . وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي﴾ [هود: ١٠]، وقَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ - ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ﴾ [الأعراف: ٩٤ - ٩٥] .
وقَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ﴾ [الأعراف: ١٣١] . فَهَذِهِ حَالُ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ مَعَ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ، كَحَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالظَّالِمِينَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، إذَا أَصَابَهُمْ نِعْمَةٌ وَخَيْرٌ قَالُوا: لَنَا هَذِهِ، أَوْ قَالُوا: هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَإِنْ أَصَابَهُمْ عَذَابٌ وَشَرٌّ تَطَيَّرُوا بِالنَّبِيِّ وَالْمُؤْمِنِينَ وَقَالُوا: هَذِهِ بِذُنُوبِهِمْ، وَإِنَّمَا هِيَ بِذُنُوبِ أَنْفُسِهِمْ لَا بِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ فِي هَذَا فِي بَيَانِ حَالِ النَّاكِلِينَ عَنْ الْجِهَادِ الَّذِينَ يَلُومُونَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْجِهَادِ، فَإِذَا أَصَابَهُمْ نَصْرٌ وَنَحْوُهُ قَالُوا هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنْ أَصَابَتْهُمْ مِحْنَةٌ قَالُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ الَّذِي جَاءَنَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْجِهَادِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ﴾ [النساء: ٧١] إلَى قَوْلِهِ: ﴿وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ﴾ [النساء: ٧٢] إلَى قَوْلِهِ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ﴾ [النساء: ٧٧] إلَى قَوْلِهِ: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ﴾ [النساء: ٧٨]
1 / 125