215

Fatawa Kubra

الفتاوى الكبرى

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٠٨هـ - ١٩٨٧م

وَفِي السُّنَنِ: عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ مَرْفُوعًا؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُهُ مَوْقُوفًا: أَنَّهُ قَالَ: «الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» . وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالنَّبِيُّ ﷺ قَالَ: «طَهُورُ إنَاءِ أَحَدِكُمْ إذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعًا أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ»، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ» . فَأَحَادِيثُهُ كُلُّهَا لَيْسَ فِيهَا إلَّا ذِكْرُ الْوُلُوغِ؛ لَمْ يَذْكُرْ سَائِرَ الْأَجْزَاءِ، فَتَنْجِيسُهَا إنَّمَا هُوَ بِالْقِيَاسِ. فَإِذَا قِيلَ: إنَّ الْبَوْلَ أَعْظَمُ مِنْ الرِّيقِ، كَانَ هَذَا مُتَوَجِّهًا.
وَأَمَّا إلْحَاقُ الشَّعْرِ بِالرِّيقِ فَلَا يُمْكِنُ؛ لِأَنَّ الرِّيقَ مُتَحَلِّلٌ مِنْ بَاطِنِ الْكَلْبِ، بِخِلَافِ الشَّعْرِ، فَإِنَّهُ نَابِتٌ عَلَى ظَهْرِهِ، وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا؛ فَإِنَّ جُمْهُورَهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ شَعْرَ الْمَيْتَةِ طَاهِرٌ بِخِلَافِ رِيقِهَا، وَالشَّافِعِيُّ وَأَكْثَرُهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ الزَّرْعَ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ النَّجِسَةِ طَاهِرٌ، فَغَايَةُ شَعْرِ الْكَلْبِ أَنْ يَكُونَ نَابِتًا فِي مَنْبَتٍ نَجَسٍ: كَالزَّرْعِ النَّابِتِ فِي الْأَرْضِ النَّجِسَةِ، فَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ طَاهِرًا، فَالشَّعْرُ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، بِخِلَافِ الشَّعْرِ فَإِنَّ فِيهِ مِنْ الْيُبُوسَةِ وَالْجُمُودِ مَا يَمْنَعُ ظُهُورَ ذَلِكَ. فَمَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ: كَابْنِ عَقِيلٍ، وَغَيْرِهِ: إنَّ الزَّرْعَ طَاهِرٌ، فَالشَّعْرُ أَوْلَى، وَمَنْ قَالَ: إنَّ الزَّرْعَ نَجَسٌ، فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مَا ذَكَرَهُ. فَإِنَّ الزَّرْعَ يُلْحَقُ بِالْجَلَّالَةِ الَّتِي تَأْكُلُ النَّجَاسَةَ فَنَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْهَا، فَإِذَا حُبِسَتْ

1 / 265