Fatawa al-Salah
فتاوى الصلاة
Investigador
عبد المعطى عبد المقصود محمد
Editorial
مكتب حميدو
مرة بعد أخرى في حياته، وجرت فتن عديدة، والناس قسمان في شأنه فبعض منهم مقصر به عن المقدار الذي يستحقه بل يرميه بالعظائم. وبعض آخر يبالغ في وصفه ويجاوز به الحد ويتعصب له كما يتعصب أهل القسم الأول عليه.
وهذه قاعدة مطردة في كل عالم يتبحر في المعارف العلمية ويفوق أهل عصره ويدين بالكتاب والسنة، فإنه لابد أن يستنكره المقصرون، وتقع له محنة بعد محنة. ثم يكون أمره الأعلى وقوله الأولى، ويصير له بتلك الزلازل لسان صدق في الآخرين ويكون لعلمه حظ لا يكون لغيره [وقد حصل ذلك] وهكذا حال هذا الإمام فإنه بعد موته عرف الناس مقداره واتفقت الألسن بالثناء عليه إلا من لا يعتد به [أي من شذ] وطارت مصنفاته وانتشرت مقالاته وأول ما أنكر عليه أهل عصره في شهر ربيع الأول سنة ٦٩٨ هـ أنكروا عليه شيئا من مقالاته فقام عليه الفقهاء وبحثوا معه ومنع الكلام [لا بالحجة والبرهان والإقناع ولكن بالغضب الممقوت] ثم طلب ثاني مرة سنة ٧٠٥ هـ إلى مصر فتعصب عليه بعض أركان الدول [وهو بيبرس الجاشنكير] وانتصر له ركن آخر وهو [الأمير سلار] ثم آل أمره أن حبس في خزانة الجنود مدة ثم نقل في سنة ٧٠٩ هـ إلى الإسكندرية. ثم أفرج عنه وأعيد إلى القاهرة ثم أعيد إلى الإسكندرية ثم حضر السلطان الناصر من الكرك فأطلقه، ووصل إلى دمشق سنة ٧١٢ في آخره [عقدت له عدة مجالس فكان يقاوم خصومه إما بالردود إذا كان ذلك في صالح الدعوة وصالحه وإما بالصمت إذا وجد الخصم غبيا جاهلا من هذه المجالس].
مجلس في آخر رجب جرى فيه من ابن الزملكاني وابن الوكيل مباحثة فقال ابن الزملكاني لابن الوكيل ما جرى على الشافعية فليقل، حيث تكون أنت رئيسهم فظن القاضي بن صصرى أنه يعترض به فعزل نفسه ثم وصل بريد من عند السلطان إلى دمشق أن يرسلوا بصورة أخرى في سنة ٦٩٨ هـ ثم وصل مملوك النائب وأخبر بيبرس والقاضي المالكي فرمانا في الإنكار على ابن تيمية، وأن الأمر قد اشتد على الحنابلة حتى صفع بعضهم ثم توجه القاضي بن صصرى وابن تيمية صحبة البريد إلى القاهرة ومعهما جماعة فوصل في العشرة الأخيرة من رمضان وعقد مجلس في ثان عشر منه بعد صلاة الجمعة فادعى على ابن تيمية عند المالكي فقال هذا عدوي، ولم يجب عن الدعوة، فكرر عليه
10