فخرج الغلام وهمست أم الأمراء قائلة: «هذا هو السبب في سرعة صرفهم ... أن جوهرا قادم إليه ... لله دره من رجل باسل.»
فلما سمعت لمياء اسمه تذكرت أنها رأته ذلك اليوم في الحديقة مع أبيها وخطر لها أنها رأته أيضا مع ابنه الحسين فخفق قلبها؛ لأنها أصبحت تخاف أن تراه بعد أن دار ما دار بينها وبين أم الأمراء بشأنه وتخاف إذا تكرر الترغيب فيه أن يخونها قلبها فتميل إليه وهي لا تريد أن يكون لأحد نصيب من فؤادها غير سالم.
الفصل الحادي عشر
الخطبة
وما كادت تفكر في ذلك حتى رأت جوهرا في وسط القاعة وقد أمسك أباها حمدون بيده كأنه يقدمه إلى المعز، وهو يقول: «أقدم لمولانا أمير المؤمنين الأمير حمدون صاحب سجلماسة صديقنا الجديد.»
فنظر المعز إليه وابتسم ابتسام الملوك وقال: «أهلا بصديقنا ... أرجو أن لا يكون في خاطره شيء من نحونا.»
فأسرع حمدون وترامى بين يدي المعز كالمستغيث، وقد فعل ذلك مبالغة بالتزلف وقال: «لقد أسعدنا الحظ بهذه الصداقة وهي شرف لنا ولو عرفنا مناقب الإمام من قبل لجئناه بغير حرب.»
فأنهضه المعز بيده.
وأشار إليه أن يجلس بجانبه على وسادة وهو يرحب به ويبتسم، وأشار إلى جوهر أن يقعد فقعد وهو مسرور من نجاح مهمته في مصلحة الدولة بتقريب هذا الأمير للطاعة؛ لأنه صاحب جاه واسع وحزب كبير.
جلس حمدون وهو يظهر التأدب بحضرة المعز لكن عينيه كانتا تجولان خلسة في أطراف القاعة لا تستقران على حال كأنهما عينا لص. على أنه كان في وجهه هيبة الأمراء.
Página desconocida