قال: «لهذا الأمير ابنة اسمها لمياء هو عالق بها، وشاهدت منها في أثناء حربنا معه بسالة وأنفة لم أعهدها بفتاة قبلها؛ فقد كانت تحارب كأكبر القواد على جواد من خير الجياد. ولم نستطع القبض عليها إلا بعد الجهد الكثير، وقد أراد الفارس الذي قبض عليها أن يتخذها سبية فمنعته وأنقذتها من السبي وأكرمتها. ولا ريب أن والدها يحبها ويضن بها فإذا اتخذناها رهنا على تصرفه في طاعتنا لا يقدم على الخيانة.»
قال: «قد رأيت حسنا، وأين هي الآن؟»
قال: «هي في فسطاط أبيها المضروب في هذا السهل خارج القيروان.»
قال: «ولكني أخاف أن ننبهه إلى الحقد إذا طلبناها منه الآن.»
قال: «لا خوف من ذلك؛ فإني أطلبها منه لتكون مكرمة معززة في قصر أمير المؤمنين في خدمة أم الأمراء (زوجة المعز) وهذا الشرف لا يتأتى لأحد سواه وأنا على يقين أن مولاتنا أم الأمراء سترتاح إلى رؤيتها. فإن في وجهها مهابة وجمالا مع تعقل وبسالة، وقد تحققت مع ذلك أنها من أشد الناس غيرة على دعوة الحق فإنها تجل مقام الإمام علي وتنصر شيعته مما لم أره في سواها من جماعة البربر كافة، ومن الجهة الأخرى أرى أن نصاهره فنكتسب حزبه.»
قال: «وكيف ذلك؟»
قال: «سأجعل القصد من نقل ابنته إلى قصر أم الأمراء أني أريد أن أتخذها زوجة لابني الحسين. وهو بلا شك سيكون سعيدا بهذا الاقتران فنكسب الفتاة ونكسب قلب أبيها.»
قال: «حسنا. افعل بارك الله فيك ولا حرمنا سعيك الحميد.» وتزحزح الخليفة فنهض جوهر واستأذن في الانصراف.
الفصل الخامس
حمدون
Página desconocida