فقالت وهي تحك وراء أذنها: «لا ... لكن ...» وأطرقت.
فقالت أم الأمراء: «قولي يا لمياء ماذا يخطر لك ... لا تخفي عني شيئا.»
قالت: «أريد أن أسارك في أمر يهمني حفظه مكتوما ... هل أفعل؟»
قالت: «افعلي ولا تخافي بعد أن ارتفع حجاب الهيبة من بيننا وأنت بمنزلة ابنتي تماما كما قلت لك مرارا، بل لا أرى ابنة أو ابنا يعامل والديه بما تعامليننا به يا لمياء.» قالت ذلك وبان الاهتمام في جبينها.
فابتسمت لمياء وأبرقت عيناها عند سماع ذلك الإطراء وقالت: «إن سري يا سيدتي يتعلق بالطريق المؤدي إلى خدمة أمير المؤمنين.»
قالت: «قولي يا عزيزتي.»
قالت: «أحب أن أكون أنا رسول أمير المؤمنين إلى يعقوب هذا. ولا أريد أن يطلع سيدي الخليفة على ذلك ... دبري طريقة.»
فاستغربت أم الأمراء هذا الطلب على هذا الشكل، وقالت: «وما هو غرضك من هذا التكتم، ولماذا؟»
قالت: «لعلمي أن السر إذا جاوز الاثنين شاع، ولولا حاجتي إلى مساعدتك في نيل الكتاب لكتمت هذا عنك؛ ولذلك أتقدم إليك بإلحاح أن تكتمي خبري. وقد قلت لأمير المؤمنين إني سأسعى في استطلاع حال مصر بطريقة لا أحب أن يعرفها أحد ... وكنت أود أن أفعل ذلك بدون أن أكاشفك بأمر الكتاب ... فلا تسأليني يا سيدتي عن الأسلوب الذي سأتخذه في البحث. إنما أتقدم إليك أن تستحثي سيدي أمير المؤمنين على كتابة الكتاب واجعلي أنك سترسلينه مع أحد الغلمان أو أوصي الرسول إذا أخذ الكتاب أن يأتي به إليك، أو كما تشائين. والمراد أن تسلمي إلي الكتاب وتطلقي سبيلي بدون أن يعلم أحد بجهة سفري.»
فضحكت أم الأمراء، وقالت: «إني لا أحتاج في ما أطلبه من المعز لدين الله إلى حيلة أو وسيلة، وسأفعل ذلك إكراما لخاطرك ... ولكنني سأشتاق إلى رؤيتك؛ فقد تعودت جوارك و...» ودمعت عيناها.
Página desconocida