قالت: «لقد دلتني تلك القصبة فإنها جماد ناطق.»
فعجب لإشارتها إلى القصبة وظهر له أنها عالمة بأمر ثعلبة بالأمس فأراد تحقق ظنه فقال: «وماذا قالت لك القصبة.»
قالت: «لقد نطقت نطقا صريحا أن ابن الحارث جبان دنيء.»
فقال: «وقد مل الألغاز فما قولك بمن لا تعرفين حسبه ولا نسبه.»
قالت: «فمن كان قلبه دليله لا يخش العطب فحماد لا يمكن أن يكون من السوقة لأن أخلاقه جديرة بالملوك فإذا لم يكن ملكا فهو أمير جليل.»
قال: «ولعله كان من قوم بينهم وبين والدك عداوة.»
فجذبت يدها من بين يديه بلطف وتنفست الصعداء ولسان حالها يقول:
أحبك ما لو كان بين عشائر
وقد كانوا أعداء لجر التصافيا
فلم يبقى عنده ريب بصدق حبها له فاعتدل في مجلسه وقال لها: «أن أسيرك يا حبيبتي ليس من طبقات الملوك ولا هو من السوقة بل هو أمير ابن أمير ولكنه دون مقام جبلة ابن الأيهم ملك غسان.»
Página desconocida